[٣٩٠٣] مسألة ٥ : لو أوصى له بشيئين بإيجاب واحد ، فقبل الموصى له أحدهما دون الآخر ، صحّ فيما قبل ، وبطل فيما ردّ (١). وكذا لو أوصى له بشيء فقبل بعضه مشاعاً أو مفروزاً وردّ بعضه الآخر. وإن لم نقل بصحّة مثل ذلك في البيع ونحوه. بدعوى عدم التطابق حينئذ بين الإيجاب والقبول ، لأن مقتضى القاعدة الصحّة في البيع أيضاً إن لم يكن إجماع. ودعوى عدم التطابق ممنوعة.
______________________________________________________
عرفت فيما تقدّم اختصاص دليل المانعية أعني الإجماع بالرد المتأخر عن الوفاة وأما ما يكون في حياة الموصي فلا أثر له ، لعدم الدليل عليه.
(١) الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :
الأوّل : في غير الوصيّة من العقود.
الثاني : في الوصيّة.
أما المقام الأوّل : فقد ذكر الأصحاب أنّ الحكم فيه البطلان ، لاعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول ، وإلّا لم يحصل معنى العقد ولم يتحقق مفهومه ، فإنه وكما عرفت عبارة عن ضم التزام بالتزام وربط تعهد بتعهد.
إلّا أنه إنما يتم فيما لو لوحظ الاثنان بما هما واحد ، كمصراعي الباب والحذاء والجورب مما لهما وحدة عرفية ، حيث يكون بيع كل منهما مشروطاً بقبول المشتري لبيع الآخر. فإذا قبل المشتري شراء أحدهما دون الآخر حكم ببطلانه ، لأن ما أنشأه البائع أعني البيع المشروط لم يقبله المشتري ، وما قبله المشتري أعني البيع غير المشروط لم ينشئه البائع. فلم يرد الالتزامان على شيء واحد ، ولم يتحقق انضمام أحدهما إلى الآخر ، وهذا هو معنى عدم التطابق بين الإيجاب والقبول.
وأمّا إذا لم يكونا كذلك ، بأن كان المقصود تمليك كل منهما مستقلا وبثمن معين ، إلّا أنه قد جمع بينهما في مقام الإبراز خاصة ، فلا مانع من الحكم بصحّة ما قبله ، وذلك لصدق المعاقدة والمعاهدة عليه إذ المفروض عدم ارتباط أحدهما بالآخر ، فإنهما بيعان مستقلّان من غير اشتراط أحدهما بقبول الآخر. ومن هنا فقبول كلّ منهما يكون مطابقاً لإيجابه لا محالة ، وبه يتحقّق مفهوم العقد ، فتشمله أدلّة الصحّة.