نعم ، لو علم من حال الموصي إرادته تمليك المجموع من حيث المجموع ، لم يصحّ التبعيض (*) (١).
______________________________________________________
والحاصل أن العبرة في صحّة العقد في المقام إنما هو بالتطابق بين الإيجاب والقبول فإذا تحقق حكم بصحته وإن بطل الآخر ، لعدم الارتباط بينهما ، وإلّا فيحكم ببطلانه.
وأمّا المقام الثاني : فإن كانت الوصيّة من قبيل القسم الثاني من العقود ، بأن كان مقصود الموصي تمليك الموصى له كلّاً من الأمرين مستقلا ومن غير تقييد بالآخر وإنما جمع بينهما في الإبراز خاصّة ، فلا ينبغي الإشكال في صحّتها بالنسبة إلى ما قبله بناءً على اعتبار القبول ، أو ما لم يرده بناءً على ما اخترناه ، وبطلانها بالنسبة إلى ما ردّه ، نظراً لكونها في حكم الوصيتين.
وإن كانت من قبيل القسم الأوّل ، بأن كان تمليك كل منهما بشرط قبول الموصى له للآخر بوصف المعية ، فالظاهر هو الحكم بصحّة ما قبله أيضاً.
ولا تقاس الوصيّة بالبيع وغيره من العقود حيث يعتبر فيه التطابق بين الإيجاب والقبول ، فإنّها ليست من العقود ، سواء اعتبرنا القبول أم لم نعتبره. أما على الثاني فواضح ، لأنها إيقاع محض. وأمّا على الأوّل فلما عرفت من أنه لا معنى لاعتباره إلّا كونه شرطاً ، كاشفاً أو ناقلاً وعليه فليس هو ركناً وطرفاً للعقد ، كي يعتبر التطابق بينه وبين الإيجاب.
نعم ، غاية ما يحصل عند ردّ الموصى له بعض الموصى به هو تخلّف الشرط وحينئذ فيثبت للموصي الخيار ، وحيث إنه ميت ينتقل إلى ورثته ، لأنه حق فيدخل فيما تركه.
والحاصل أن قياس الوصيّة التي هي من الإيقاع على سائر العقود في اعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول ، قياس مع الفارق ، والفرق بينهما واضح.
(١) قد عرفت الحال فيه مما تقدّم. فإنّ المجموع من حيث هو مجموع لا يصحّ
__________________
(*) بل صحّ فيه أيضاً ، فإنّ تمليك المجموع من حيث إنّه مجموع لا محصل له ، إلّا أن يكون قبول الوصيّة في كل جزء أو عدم ردّها على القول بالاعتبار شرطاً في الوصيّة بالجزء الآخر ، وعليه فلا يترتّب على التخلّف إلّا الخيار دون البطلان.