الثالث : هل ينتقل الموصى به بقبول الوارث إلى الميت ثمّ إليه ، أو إليه ابتداء من الموصي؟ (١) وجهان ، أوجههما الثاني (*) (٢).
______________________________________________________
وإن التزمنا بناقليته ، جرى فيه ما تقدّم من الخلاف في تأثير الردّ في المقام وعدمه. فعلى الأوّل تصحّ بالنسبة إلى حصة القابل خاصة دون حصة الراد ، لانحلال الوصيّة. وعلى الثاني تصحّ مطلقاً ، فيأخذ الرادّ كما يأخذ القابل.
(١) يظهر أثر هذا النزاع في أخذ الزوجة من الأرض إذا تعلقت بها الوصيّة على الثاني دون الأوّل ، وخروج ديون الميت ووصاياه من الموصى به على الأوّل دون الثاني.
(٢) بل الصحيح هو التفصيل بين موت الموصى له في حياة الموصي ، وموته بعد وفاته.
ففي الأوّل ينتقل الموصى به إليهم مباشرة ، ومن دون وساطة الموصى له لعدم قابليته للمكية ، حين موت الموصي.
وفي الثاني ينتقل المال إلى الموصى له أوّلاً ، حيث لم يتحقق منه الرد كما هو المفروض ، ومن ثمّ ينتقل إليهم بالإرث ، فحاله في ذلك حال سائر ما تركه الميت.
هذا إذا لم نقل باعتبار القبول ، كما هو الصحيح. وأما بناءً على اعتباره ، فإن قلنا بكونه كاشفاً فالأمر كذلك ، حيث يكشف قبولهم عن ملك الميت له أوّلاً ، وانتقاله بعد ذلك إليهم بالإرث.
واحتمال الكشف عن ملكية الورثة له من حين موت الموصي ، ضعيف ولا وجه له ، فإن الوصيّة إنما كانت للموصى له دون الورثة ، فانتقالها إليهم يحتاج إلى الدليل. وإن قلنا بكونه ناقلاً ، كان مقتضى الدليل انتقال الموصى به إلى الورثة ابتداءً ومن دون نقصان ، لانتقال الوصيّة إليهم تعبداً.
__________________
(*) هذا فيما إذا مات الموصى له قبل الموصي ، وأمّا في عكسه فالمال ينتقل إلى الوارث من الموصى له على ما مرّ.