الثاني : العقل ، فلا تصحّ وصيّة المجنون (١). نعم ، تصحّ وصيّة الأدواري منه إذا
______________________________________________________
ومنه يظهر الحال في صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك ، جازت وصيّته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء» (١).
فإن الحال فيها هو الحال في معتبرة أبي بصير المتقدِّمة. فإن تمّ إجماع على عدم التفصيل فلا بدّ من طرحها ، كما يظهر ذلك من ذهاب المشهور إلى عدم الفرق ، وإلّا كما هو الظاهر فلا بدّ من تقييد إطلاق ما دلّ على نفوذ وصيّة الصبي إذا بلغ عشراً.
وبعبارة اخرى نقول : إن النسبة بين صحيحة محمد بن مسلم وبين ما دلّ على نفوذ وصيّة الغلام إذا بلغ عشراً ، إنما هي العموم والخصوص من وجه ، فهما قد يجتمعان وقد يفترقان. فيجتمعان في وصيّة الغلام البالغ عشراً لأرحامه. ويفترقان في موردين : وصيّة البالغ عشراً لغير أرحامه ، ووصيّة من لم يبلغ عشراً لأرحامه. حيث إن مقتضى ما دل على نفوذ وصيّة البالغ عشراً هو صحّة الأوّل وفساد الثاني ، في حين إن مقتضى صحيحة محمّد بن مسلم هو العكس فيهما. وحينئذ فمقتضى القواعد هو التساقط ، والرجوع إلى عموم ما دلّ على حجر الصبي وعدم نفوذ تصرّفاته ما لم يحتلم.
فما أفاده الماتن (قدس سره) وفاقاً للمشهور ، لا يمكن المساعدة عليه ، لأن القدر المتيقن من نفوذ وصيّة الصبي هو ما إذا بلغ عشراً وكانت وصيّته للأرحام. اللهمّ إلّا أن يثبت إجماع على عدم الفرق ، لكنه غير ثابت.
(١) لرفع القلم عنه فلا أثر لتصرفاته ، ولا تثبت له الكتابة في قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) (٢). وكذا النصوص الواردة في المقام.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الوصايا ، ب ٤٤ ح ١.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٨٠.