هذا والإجازة من الوارث تنفيذ لعمل الموصي (١) وليست ابتداء عطية من الوارث ، فلا ينتقل الزائد إلى الموصى له من الوارث بأن ينتقل إليه بموت الموصى أوّلاً ، ثمّ ينتقل إلى الموصى له بل ولا بتقدير ملكه ، بل ينتقل إليه من الموصي من الأوّل.
______________________________________________________
(١) خلافاً لما ذهب إليه جماعة من الأصحاب ، منهم صاحب الحدائق (قدس سره) حيث يظهر منه الميل إليه (١).
وهو وإن كان مقتضى القاعدة ، فإن مقتضى ما دلّ على بطلان الوصيّة في الزائد عن الثلث وعدم نفوذها ، انتقاله إلى الورثة وكونه ملكاً لهم على حد سائر أموالهم غاية الأمر أنا خرجنا عنها في فرض إجازتهم للزائد في حياته لصحيحتي محمّد بن مسلم ومنصور بن حازم المتقدمتين ، فيبقى الباقي بما في ذلك فرض إجازتهم له بعد وفاته على القاعدة ، فيحكم ببطلانها فيه وانتقاله إليهم. نعم ، لهم صرف المال فيما أوصى به الميت ، باعتبار أنّ للمالك السلطنة في صرف ماله كيف ما يشاء.
إلّا أنه إنما يتمّ فيما إذا لم يكن دليل يقتضي رفع اليد عن القاعدة في المقام أيضاً وحيث إنه موجود فلا مجال للتمسك بالقاعدة. فإنه يمكن أن يستدل عليه بالأولوية القطعية ، فإنّ الوصيّة إذا نفذت بإجازتهم لها في حال حياته مع كونهم أجنبيين عن المال بالكلية ، فنفوذها بإجازتهم بعد أن أصبحوا مالكين له يكون بطريق أوْلى.
هذا مضافاً إلى النصوص التي يمكن استفادة ذلك منها.
ففي صحيحة أحمد بن محمد ، قال : كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسن (عليه السلام) : إن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصاً في مواضع ، وأوصت لسيدنا في أشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث ، ونحن أوصياؤها وأحببنا إنهاء ذلك إلى سيِّدنا ، فإن أمرنا بإمضاء الوصيّة على وجهها أمضيناها ، وإن أمرنا بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء الله. قال : فكتب (عليه السلام) بخطّه : «ليس يجب لها في تركتها إلّا الثلث ، وإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزاً لكم إن شاء
__________________
(١) الحدائق ٢٢ : ٤٢٤ و ٤٢٥.