يوم لا يقدر لا أرهبه |
|
ومن المقدور لا ينجو الحذر |
وفى الآية تحريض على الجهاد وتشجيع على لقاء العدو ، فإنه إذا كان الأجل محتوما ومؤقتا بميقات ، وأن أحدا لا يموت قبل بلوغ أجله وإن خاض المعارك واقتحم المهالك فلا محل إذا للخوف والحذر ـ إلى ما فيها من الإشارة إلى كلاءة الله وحفظه لرسوله مع غلبة العدوّ له والتفافهم عليه وإسلام قومه له نهزة للمختلس ، فلم يبق سبب من أسباب الهلاك إلا قد حصل ، ولكن لما كان الله حافظا وناصرا له لم يضرّه شىء ، وفيها إشارة إلى أن قومه قد قصّروا فى الذبّ عنه.
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها ، وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) أي ومن قصد بعمله حظ الدنيا أعطاه الله شيئا من ثوابها ، ومن قصد الآخرة أعطاه الله حظا من ثوابها.
وفى معنى الآية الحديث : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ...
وفيها تعريض بالذين شغلتهم الغنائم يوم أحد ، فتركوا موقعهم الذي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلزومه ، وكأنه يقول لهم إن كنتم تريدون ثواب الدنيا فالله لا يمنعكم ذلك ، وما عليكم إلا أن تسلكوا سبيله ، ولكن ليس هذا هو الذي يدعوكم إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، بل يدعوكم إلى خير ترون حظا منه فى الدنيا ، والمعوّل عليه ما فى الآخرة.
فأنتم بين أمرين : إما إرادة الدنيا ، وإما إرادة الآخرة ، ولكل منهما سنن تتبع ، وطرق تسلك ، وفى معنى الآية قوله تعالى : «مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ».
ومن هدى الإسلام أن يطلب المرء بعمله خيرى الدنيا والآخرة معا ، ويقول : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) والله يعطيه كل ما يطلب أو بعضه يحسب سنن الله وتدبيره لنظم الحياة.