فما فتئت خيل تثوب وتدّعي |
|
ويلحق منها لا حق وتقطع (١) |
أي فما زالت.
وحذف (لا) قوله فتئ كقول امرئ القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي (٢) |
أي : لا أبرح.
وقال خداش بن زهير :
وأبرح ما أدام الله قومي |
|
بحمد الله منتطقا مجيدا (٣) |
أي لا أبرح ومثله كثير.
(حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) اختلف ألفاظ المفسّرين فيه ، فقال ابن عباس : دنفا ، العوفي : يعني الهد في المرض ، مجاهد : هو ما دون الموت ، يعني قريبا من الموت ، قتادة : هرما ، الضحّاك : باليا مدبرا ، ابن إسحاق : فاسدا لا عمل لك ، ابن زيد : الحرض : الذي قد ردّ إلى أرذل العمر حتى لا يعقل ، الربيع بن أنس : يابس الجلد على العظم ، مقاتل : مدنفا ، الكسائي : الحرض : الفاسد الذي لا خير فيه ، الأخفش : يعني ذاهبا ، المخرج : ذائبا من الهمّ ، الفرّاء عن بعضهم : ضعيفا لا حراك بك ، الحسن : كالشنّ المدقوق المكسور ، علام تعبا مضنى ، ابن الأنباري : هالكا فاسدا ، القتيبي : ساقطا ، وكلّها متقاربة.
ومعنى الآية : حتى يكون دنف الجسم مخبول العقل ، وأصل الحرض : الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم ، ومنه قول العرجي :
إنّي امرؤ لجّ بي حبّ فأحرضني |
|
حتى بليت وحتى شفني السقم (٤) |
يقال : منه رجل حرض وامرأة حرض ورجلان وامرأتان حرض ، ورجال ونساء حرض يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع ، والمذكّر والمؤنّث ، لأنّه مصدر وضع موضع الاسم ، ومن العرب من يقول للذكر حارض وللأنثى حارضة ، فإذا وصف بهذا اللفظ ثنّى وجمع وانّث ، ويقال : حرض ، يحرّض ، حرضا وحراضة فهو حرض ، ويقال : رجل محرّض وأنشد في ذلك :
طلبته الخيل يوما كاملا |
|
ولو آلفته لأضحى محرضا (٥) |
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٣ / ٥٥ ، زاد المسير : ٤ / ٢٠٥.
(٢) الصحاح : ٦ / ٢٢٢٢.
(٣) تفسير القرطبي : ١١ / ٩ ، ولسان العرب : ١٠ / ٣٥٤ وفيه : على الأعداء ، بدل بحمد الله.
(٤) الصحاح : ٣ / ١٠٧.
(٥) تفسير الطبري : ١٣ / ٥٧.