متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب الذي بين جمادى وشعبان» [١٨] (١).
أراد صلىاللهعليهوسلم أنّ الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء.
واختلفوا في أول من نسأ ، فقال ابن عباس وقتادة والضحاك : أوّل من نسأ بنو مالك بن كنانة وكان [يليه] أبو ثمامة عبادة بن عوف بن أمية الكناني ، كان يوافي الموسم كل عام على حمار فيقول : أيّها الناس إني أحدّث ولا أخاف ولا مردّ لما أقول. إنّا قد حرمنا المحرم ، وأخّرنا صفر ، ثم يجيء العام المقبل فيقول : إنّا قد حرّمنا صفر وأخّرنا المحرم.
وقال الكلبي : أول من فعل ذلك رجل من كنانة يقال له : نعيم بن ثعلبة ، وكان يكون قبل الناس بالموسم ، وإذا همّ الناس بالصّدر قام فخطب الناس فقال : لا مردّ لما قضيت ، أنا الذي لا أغاب ولا أخاب فيقول له المشركون : لبيك ، ثم يسألهم أن ينسئهم شهرا يغيّرون فيه ، فيقول : إن القتال العام حرام ، وإذا قال ذلك حلّوا الأوتار وقرعوا الأسنّة والأزجّة ، وإن قال : حلال عقدوا الأوتار وشددوا الأزجّة وأغاروا على الناس.
[وقيل بعد] نعيم بن ثعلبة رجل يقال له : جنادة بن عوف وهو الذي أدركه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أوّل من نسأ النسيء عمرو بن لحي بن بلتعة بن خندف ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو رجل من بني كنانة يقال له القلمّس في الجاهلية ، وكان أهل الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الأشهر الحرم ، يلقي الرجل قاتل أبيه وأخيه فلا يتعرض له فيقول قائلهم : اخرجوا بنا فيقال له : هذا المحرم ، فيقول القلمّس : إني قد نسأته العام صفران ، فإذا كان العام المقبل قضينا فجعلناهما محرمين ، وقال [............] (٢) وقال الكميت :
ألسنا الناسئين على معدّ |
|
شهور الحلّ نجعلها حراما (٣) |
فهو النسيء الذي قال الله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ ... زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُ) قرأ أهل المدينة وعاصم وأبو عمرو يَضِلُّ بفتح الياء وكسر الضاد ، واختاره أبو حاتم لأنه ضمّ الضالون لقوله (بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً) وقرأ أبو رجاء والحسن وأبو عبد الرحمن وقتادة ومجاهد وابن محيصن : يَضِلُّ مكسورة الضاد ، ولها وجهان : أحدهما أن يكون (الَّذِينَ كَفَرُوا) في محل النصب أي يضل الله به الذين كفروا.
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٣٧.
(٢) كلام مطموس في الأصل.
(٣) لسان العرب : ١ / ١٦٧.