(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٨))
(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
قال ابن عباس : الله هادي أهل السموات والأرض لا هادي فيهما غيره ، فهم بنوره الى الحقّ يهتدون ، وبهداه من حيرة الضلالة ينجون وليس يهتدي ملك مقرّب ولا نبىّ مرسل إلّا بهدى منه.
الضحّاك والقرظي : منوّر السموات والأرض.
مجاهد : مدبر الأمور في السموات والأرض.
أبي بن كعب وأبو العالية والحسن : مزيّن السموات بالشمس والقمر والنجوم ، ومزيّن الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين.
وقال بعضهم : يعني الأنوار كلّها منه كما يقال : فلان رحمة وسخطة وهو لا يكون في نفسه رحمة ولا سخطة وإنما يكون منه الرحمة والسخطة.
وقال بعض أهل المعاني : أصل النور هو التبرئة والتصفية ، يقال : امرأة نوار ونساء نوار إذا كنّ متعرّيات من الريبة والفحشاء ، قال الشاعر :
نوار في صواحبها نوار |
|
كما فاجاك سرب أو صوار |
فمعنى النور هو المنزّه من كل عيب.
وقال بعض العلماء : النور على أربعة أوجه : نور متلألئ ، ونور متولّد ، ونور من جهة صفاء اللون ، ونور من جهة المدح ، فالنور المتلألئ مثل قرص الشمس والقمر والكواكب وشعلة السراج ، والمتولد هو الذي يتولد من شعاع الشمس والقمر والسراج فيقع على الأرض فيستنير به ، والذي هو من صفاء اللون مثل نور اللآلئ واليواقيت وسائر الجواهر ، وكلّ شيء له نور صاف ، والذي هو من جهة المدح قول الناس : فلان نور البلد وشمس العصر ، قال الشاعر :
فإنّك شمس والملوك كواكب |
|
إذا ما بدت (١) لم بدت منهنّ كوكب (٢) |
__________________
(١) في النسخة الثانية : إذا طلعت.
(٢) أحكام القرآن ـ الجصّاص. : ١ / ٣٩٨.