الباقون بضم الدال وتشديد الياء من غير همز ، نسبوه الى الدرّ في صفائه وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ، ثمّ قال أبو عبيد : وإنما اخترنا هذه القراءة لعلل ثلاث :
إحداها : ما جاء في التفسير أنه منسوب الى الدرّ لبياضه.
والثانية : للخبر
عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّ أهل الجنة ليرون أهل عليين كما ترون الكوكب الدرّي في أفق السماء وإنّ أبا بكر وعمر منهم وأنعما!.
والثالثة : إجماع أهل الحرمين عليها.
(يُوقَدُ) اختلف القرّاء فيه أيضا فقرأ شيبة ونافع وأيوب وابن عامر وعاصم برواية حفص بياء مضمومة يعنون المصباح ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف (١) برواية أبي بكر بتاء مضمومة أرادوا الزجاجة ، وقرأ بن محيص (٢) بتاء مفتوحة وتشديد القاف ورفع الدال على معنى تتوقد الزجاجة ، وقرأ الآخرون : بفتح التاء والقاف والدال على المضيء يعنون المصباح.
(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ).
قال عكرمة وجماعة : يعني لا يسترها من الشمس جبل ولا واد ، فإذا طلعت الشمس أصابتها وإذا غربت أصابتها ، فهي صاحبة للشمس طول النهار وليست شرقية وحدها حتى لا تصيبها الشمس إذا غربت ، ولا هي غربية وحدها فلا تصيبها الشمس بالغداة إذا طلعت ، بل تأخذ حظّها من الأمرين ، وإذا كان كذلك كان أجود وأضوأ لزينتها.
وقال السدىّ وجماعة : يعني ليست في مقنوة (٣) لا تصيبها الشمس ولا هي بارزة للشمس لا يصيبها الظل ، فهي لم يضرّها الشمس ولا الظلّ.
وقال بعضهم : هي معتدلة ليست من شرق (٤) فيلحقها الحرّ ، ولا في غرب فيضرّ بها البرد وهي رواية ابن ظبيان عن ابن عباس.
وقال ابن زيد : هي شاميّة لأنّ الشام لا شرقي ولا غربي ، تقول : هي شرقيّة وغربيّة وهذا كقولك : فلان لا مسافر ولا مقيم ، وليس هذا بأبيض ولا أسود إذا كان له من كلا الأمرين قسط ونصيب ، قال الشاعر :
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
|
ولم تكثر القتلى بها حين سلّت (٥) |
__________________
(١) في النسخة الثانية زيادة : وعاصم.
(٢) في النسخة الثانية : ابن محسن.
(٣) هي المضحاة والمقناة أي الستر ، لسان العرب : ١٥ / ٢٠٦.
(٤) أي ليست من شجر الشرق.
(٥) لسان العرب : ٤ / ٢٣٥.