الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥))
(وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) خالق على الاسم كوفي غير عاصم ، الباقون : (خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) على الفعل (مِنْ ماءٍ) أي من نطفة ، وقيل : إنما قال (مِنْ ماءٍ) لأنّ أصل الخلق من الماء ، ثم قلب بعض الماء الى الريح فخلق منها الملائكة ، وبعضه إلى النار فخلق منه الجن ، وبعضه إلى الطين فخلق منه آدم.
(فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالحيّات والحيتان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كالطير (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) قوائم كالأنعام والوحوش والسباع ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع لأنّه كالذي يمشي على أربع في رأي العين.
(يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) كما يشاء (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) يعني المنافقين (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ويدعو الى غير حكم الله.
قال الله سبحانه وتعالى (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) نزلت هذه الآيات في بشر المنافق وخصمه اليهودي حين اختصما في أرض فجعل اليهودي يجرّه الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليحكم بينهما ، وجعل المنافق يجرّه الى كعب بن الأشرف ويقول : إنّ محمّدا يحيف علينا، فذلك قوله (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) الرسول بحكم الله (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) مطيعين منقادين لحكمه (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا) يعني أنّهم كذلك فجاء بلفظ التوبيخ ليكون أبلغ في الذمّ ، كقول جرير في المدح :
ألستم خير من ركب المطايا |
|
وأندى العالمين بطون راح |
يعني أنتم كذلك.
(أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) أي يظلم (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم بإعراضهم عن الحق والواضعون المحاكمة في غير موضعها.