(لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ) يعني نزل بلسان (عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ) يعني ذكر القرآن وخبره عن أكثر المفسرين وقال مقاتل : يعني ذكر محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته (لَفِي زُبُرِ) كتب (الْأَوَّلِينَ) وقرأ الأعمش زُبْرِ بجزم الباء ، وغيره بالرفع.
(أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) قرأ ابن عامر تكن بالتاء آيَةٌ بالرفع ، غيره تكن بالتاء (آيَةً) بالنصب ، ومعنى الآية أو لم يكن لهؤلاء المنكرين دلالة وعلامة (أَنْ يَعْلَمَهُ) يعني محمدا (عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ).
عبد الله بن سلام وأصحابه قال ابن عباس : بعث أهل مكة الى اليهود وهم بالمدينة فسألوهم عن محمد صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إن هذا لزمانه وإنّا نجد في التوراة نعته وصفته وكان ذلك آية لهم على صدقه.
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ) يعني القرآن (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) هو جمع الأعجم ، وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية وإن كان منسوبا الى العرب ، وتأنيثه عجماء ، وجمعه عجم ، ومنه قيل للبهائم عجم لأنها لا تتكلم.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «العجماء جرحها جبار» (١) [٩٧] فإذا أردت أنه منسوب إلى العجم قلت : عجمي.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حنش قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال : حدّثنا سهل بن علي قال : حدّثنا أبو عمر قال : حدّثنا شجاع بن أبي نصر عن عيسى بن عمر عن الحسن أنّه قرأ «ولو نزّلناه على بعض الأعجميين» مشدّدة بيائين ، جعله نسبة ومعنى الآية : ولو نزّلناه على رجل ليس بعربي اللسان (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ) بغير لغة العرب لـ (ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) ، وقالوا : ما نفقه قولك نظيره قوله سبحانه (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) (٢) ، وقيل معناه : ولو نزّلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتّباعه.
(كَذلِكَ سَلَكْناهُ) أي أدخلنا القرآن (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) لتقوم الحجة عليهم ، وقيل : يعني سلكنا الكفر في قلوب المجرمين (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ).
قال الفرّاء : من شأن العرب إذا وضعت (لا) موضع (كي) في مثل هذا ربّما جزمت ما بعدها وربّما رفعت فتقول : ربطت الفرس لا ينفلت جزما ورفعا ، وأوثقت العبد لا يأبق في الجزم على تأويل إن لم أربطه انفلت ، وإن لم أوثقه فرّ ، والرفع على أنّ الجازم غير ظاهر. أنشد بعض بني عقيل :
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ٢٥٤.
(٢) سورة فصّلت : ٤٤.