فقالت النملة : أما سمعت قولي : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)؟ مع ما أنّي لم أرد حطم النفوس وإنّما أردت حطم القلوب ، خشيت أن يتمنّين ما أعطيت ويشتغلن بالنظر عن التسبيح ، فقال لها : عظيني ، فقالت النملة : هل علمت لم سمّي أبوك داود؟
قال : لا.
قالت : لأنّه داوى جرحه فردّ. هل تدري لم سمّيت سليمان؟
قال : لا.
قالت : لأنّك سليم وكنت إلى ما أوتيت لسلامة صدرك وإنّ لك أن تلحق بأبيك ثم قالت : أتدري لم سخّر الله لك الريح؟
قال : لا.
قالت : أخبرك الله أنّ الدنيا كلّها ريح ، (فَتَبَسَّمَ) سليمان (ضاحِكاً) متعجّبا (مِنْ قَوْلِها ، وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) الى آخر الآية.
أخبرني ابن فنجويه قال : أخبرنا ابن شنبة قال : أخبرنا الحضرمي قال : حدّثنا حسن الخلّال قال : حدّثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قتل أربعة من الدواب : الهدهد والصرد والنحلة والنملة.
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) أي طلبها وبحث عنها (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) فتح ابن كثير وعاصم والكسائي وأيّوب (لِيَ) هاهنا وفي سورة يس (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) (١) وأرسل حمزة الياء فيهما جميعا (٢) ، وأمّا أبو عمرو فكان يرسل الياء في هذه ويفتح في يس ، وفرّق بينهما فقال : لأنّ هذه للتي في النمل استفهام والأخرى انتفاء.
(أَمْ كانَ) قيل : الميم صلة وقيل : أم بمعنى بل كان (مِنَ الْغائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) وكان عذابه أن ينتف ريشه وذنبه فيدعه ممعطا ثم يلقيه في بيت النمل فيلدغه ، وقال عبد الله بن شدّاد : نتفه وتشميسه.
الضحّاك : لأشدّن رجله ولأشمسنّه.
مقاتل بن حيّان : لأطلينّه بالقطران ولأشمسنّه.
وقيل : لأودعنّه القفص ، وقيل : لأفرّقنّ بينه وبين إلفه ، وقيل : لأمنعنه من خدمتي ، وقيل : لأبدّدنّ عليه؟.
__________________
(١) سورة يس : ٢٢.
(٢) في النسخة الثانية : استثناء.