(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) أي يقذفونهنّ بالزنا.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ) يشهدون على صحة ما قالوا.
(إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) قرأ أهل الكوفة أربع بالرفع على الابتداء والخبر ، وقرأ الباقون بالنصب على معنى أن يشهد أربع شهادات.
(وَالْخامِسَةُ) يعني والشهادة الخامسة ، قراءة العامة بالرفع على الابتداء وخبره في أن.
وقرأ حفص بالنصب على معنى ويشهد الشهادة الخامسة.
وقرأ نافع ويعقوب وأيوب : إن وأن خفيفتين ، لعنةُ وغضبُ مرفوعين ، وهي رواية المفضل عن عاصم ، وقرأ الباقون : بتشديد النونين وما بعدهما نصب.
(إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) ويدفع عن الزوجة الحد.
(أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ) يعني الزوج (لَمِنَ الْكاذِبِينَ).
(وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) قرأ نافع : غَضَبَ اللهُ مثل سمع الله على الفعل ، الباقون على الإسم.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) جواب لو لا محذوف يعني لعاجلكم بالعقوبة وفضحكم ولكنه ستر عليكم ورفع عنكم الحد باللعان حكمة منه ورحمة.
فأما سبب نزول الآية ، فروى عكرمة عن ابن عباس قال : لمّا نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) الآية ، قال سعد بن عبادة : والله لو أتيت لكاع وقد تفخّذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركّه حتى آتي بأربعة شهداء! فوالله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته ويذهب ، فإن قلت ما رأيت ، إنّ في ظهري لثمانين جلدة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) : «يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيّدكم»؟ قالوا : لا تلمه فإنه رجل غيور ، ما تزوج امرأة قط إلّا بكرا ولا طلّق امرأة له فاجترأ رجل منّا أن يتزوّجها.
فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي والله إنّي لأعرف أنّها من الله وأنّها حقّ ولكن عجبت من ذلك لما أخبرتك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فإنّ الله يأبى إلّا ذاك» ، فقال : صدق الله ورسوله.
قال : فلم يلبثوا إلّا يسيرا حتى جاء ابن عم له يقال له هلال بن أميّة من حديقة له ، فرأى رجلا مع امرأته يزني بها فأمسك حتى أصبح ، فلمّا أصبح غدا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس مع
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٢٣٨.