قال : فجاءت به غلاما كأنه حمل أورق على الشبه المكروه ، وكان بعد أميرا بمصر لا يدرى من أبوه.
وأخبرنا محمد بن عبدوس قال : أخبرنا محمد بن الحسن قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : أخبرنا القاسم بن سلام قال : حدّثنا هيثم عن يونس بن عبيد عن الحسن قال : لمّا نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) الآية ، قال سعد بن عبادة : يا رسول الله أرأيت إن رأى رجل مع امرأته رجلا فقتله يقتلونه ، وإن أخبر بما رأى جلد ثمانين أفلا يضربه بالسيف؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كفى بالسيف شا ... ، قال : أراد أن يقول شاهدا ثمّ أمسك وقال : لو لا ان يتتابع فيه الغيران والسكران ، وذكر الحديث (١).
وقال ابن عباس في سائر الروايات ومقاتل : لمّا نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) الآية ، قرأها النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الجمعة على المنبر فقام عاصم بن عدي الأنصاري فقال : جعلني الله فداك إن رأى رجل منّا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين وسمّاه المسلمون فاسقا ولا تقبل شهادته أبدا ، فكيف لنا بالشهداء ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل قد فرغ من حاجته ومرّ؟ وكان لعاصم هذا ابن عم له يقال له عويمر وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن فأتى عويمر عاصما فقال : لقد رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة ، فاسترجع عاصم وأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الجمعة الأخرى فقال : يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وما ذاك؟ قال : أخبرني عويمر ابن عمّي أنه رأى شريك ابن السحماء على بطن امرأته خولة ، وكان عويمر وخولة شريك كلّهم بني عم عاصم ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهم جميعا فقال لعويمر : «اتق الله في زوجتك وخليلتك وابنة عمك فلا تقذفها بالبهتان ، فقال : يا رسول الله أقسم بالله إني رأيت شريكا على بطنها وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر وانها حبلى من غيري.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمرأة : «اتقي الله ولا تخبري إلّا بما صنعت» ، فقالت : يا رسول الله إنّ عويمرا رجل غيور ، وإنه رآني وشريكا نطيل السمر ونتحدث فحملته الغيرة على ما قال.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لشريك : «ما تقول»؟ قال : ما تقوله المرأة ، فأنزل الله سبحانه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) الآية ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نودي : الصلاة جامعة ، فصلّى العصر ثمّ قال لعويمر : قم فقام فقال : أشهد بالله إنّ خولة لزانية وإنّي لمن الصادقين ، ثمّ قال في الرابعة : أشهد بالله إنّي ما قربتها منذ أربعة أشهر وإنّي لمن الصادقين ثمّ قال في الخامسة : لعنة الله على عويمر ـ يعني نفسه ـ (إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) فيما قال.
__________________
(١) المصنّف : ٩ / ٤٣٤.