ثمّ أمره بالقعود وقال لخولة : قومي فقامت فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإنّ عويمرا (لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ، ثمّ قالت في الثانية : أشهد بالله إنه ما رأى شريكا على بطني و (إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ، ثمّ قالت في الثالثة : أشهد بالله إني حبلى منه و (إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ، ثمّ قالت في الرابعة : أشهد بالله إنه ما رآني قط على فاحشة و (إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ، ثمّ قالت في الخامسة : (غَضَبَ اللهِ) على خولة ـ تعني نفسها ـ (إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ، ففرق رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهما وقال : «لو لا هذه الأيمان لكان لي في أمرهما رأي ، ثمّ قال : تحيّنوا بها الولادة فإن جاءت بأصيهب أثيبج يضرب إلى السواد فهو لشريك بن السحماء ، وإن جاءت بأورق جعد حمش حدلج الساقين فهو لغير الذي رميت به» [٢١].
قال ابن عباس : فجاءت بأشبه خلق الله بشريك (١).
ذكر حكم الآية
إذا قذف الرجل زوجته بالزنا لزمه الحدّ وله التخلّص منه بإقامة البيّنة على زناها أو باللعان ، فإن أقام البيّنة حقّق الزنا ولزمها الحدّ ، وان التعن حقّق عليها الزنا ولها التخلص منه باللعان ، فإن التعنت وإلّا لزمها الحدّ ، وللزوج ان يلتعن سواء كان متمكّنا من البيّنة أو غير متمكّن منها ، ويصح اللعان من كلّ زوج مكلّف حرا كان أو عبدا ، مسلما كان أو كافرا ، فكلّ من صحّت يمينه صحّ قذفه ولعانه.
وقال أهل العراق : اللعان بين كلّ حرّين بالغين ولا يصحّ اللعان إلّا عند الحاكم أو خليفته ، فإذا لاعن بينهما غلّظ عليهما بأربعة أشياء عدد الألفاظ ، والمكان ، والوقت ، وجمع الناس.
فأمّا اللفظ فأربع شهادات والخامسة ذكر اللعنة للرجل وذكر الغضب للمرأة ، وقد مضت كيفية ذلك ، وأمّا المكان فإنه يقصد أشرف البقاع بالبلدان إن كان بمكة فعند الركن والمقام ، وإن كان بالمدينة فعند المنبر ، وإن كان ببيت المقدس ففي مسجدها ، وإن كان في سائر البلدان ففي مساجدها ، وإن كانا كافرين بعث بهما إلى الموضع الذي يعتقدان تعظيمه ، إن كانا يهوديين بالكنيسة وإن كانا نصرانيين فبالبيعة ، وإن كانا مجوسيين ففي بيت النار ، وإن كانا لا دين لهما مثل الوثنيين فإنه يلاعن بينهما في مجلس حكمه.
وأما الوقت ، فإنّه بعد صلاة العصر. وأمّا العدد ، فيحتاج أن يكون هناك أربعة أنفس فصاعدا ، فاللفظ وجمع الناس مشروطان ، والمكان والزمان مستحبّان ، فإذا تلاعنا تعلّق باللعان
__________________
(١) سنن ابن ماجة بتفاوت : ١ / ٦٦٨ ، ح / ٢٠٦٧.