والأنصار كأبي بكر وعمر (٢) وأبي عبيدة وسعد وأمثالهم إلا وقد عبأه بالجيش (٣) وكان ذلك لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشرة للهجرة (٤) فلما كان من الغد دعا أسامة فقال له : سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل ، فقد وليتك هذا الجيش فاغز صباحاً على أهل أبنى (٥) وحرق عليهم ، وأسرع
__________________
(٢) أجمع أهل السير والاخبار على ان ابا بكر وعمر كانا في الجيش ، وارسلوا ذلك في كتبهم ارسال المسلمات ، وهذا مما لم يختلفوا فيه ، فراجع ما شئت من الكتب المشتملة على هذه السرية كطبقات ابن سعد وتاريخي الطبري وابن الاثير والسيرة الحلبية والسيرة الدحلانية وغيرها لتعلم ذلك ، وقد أورد الحلبي حيث ذكر هذه السرية في الجزء الثالث من سيرته حكاية ظريفة نوردها بعين لفظه. قال : ان الخليفة المهدي لما دخل البصرة رأى اياس بن معاوية الذي يضرب به المثل في الذكاء وهو صبي وخلفه اربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة فقال المهدي : أف لهذه العثانين ـ أي اللحى ـ أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث ؟ ثم التفت اليه المهدي وقال : كم سنك يا فتى؟ فقال : سني أطال الله بقاء أمير المؤمنين سن أسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول الله (ص) جيشا فيه أبو بكر وعمر. فقال : تقدم بارك الله فيك. قال الحلبي : وكان سنه سبع عشرة سنة ا ه.
(٣) كان عمر يقول لاسامة : مات رسول الله (ص) وأنت علي أمير. نقل ذلك عنه جماعة من الاعلام كالحلبي في سرية أسامة من سيرته الحلبية وغير واحد من المحدثين والمؤرخين.
(٤) هذا بناء على ما صرح به كثير من أعلام السنة كابن سعد في سرية أسامة من طبقاته والحلبي والدحلاني في هذه السرية من سيرتيهما ، وقد اعتمدنا في شؤون هذه السرية على هاتين السيرتين.
(٥) ابنى بضم الهمزة وسكون الباء ثم نون مفتوحة بعدها الف مقصورة ناحية بالبلقاء من أرض سوريا بين عسقلان والرملة ، وهي قرب مؤتة التي استشهد عندها زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين في الجنة (ع).