السير لتسبق الأخبار ، فإن أظفرك الله عليهم فأقل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم العيون والطلائع معك. فلما كان يوم الثامن والعشرين من صفر بدأ به صلىاللهعليهوآلهوسلم مرض الموت فحمّ بأبي هو وأمي وصدع ، فلما أصبح يوم التاسع والعشرين ووجدهم متثاقلين خرج اليهم فحضهم على السير وعقد صلىاللهعليهوآلهوسلم اللواء لأسامة بيده الشريفة تحريكاً لحميتهم وارهافا لعزيمتهم ، ثم قال : اغز بسم الله وفي سبيل الله وقاتل من كفر بالله ، فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرف ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا ـ مع ما وعوه ورأوه من النصوص الصريحة في وجوب اسراعهم كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « أغز صباحاً على أهل أبنى » وقوله « واسرع السير لتسبق الأخبار » إلى كثير من أمثال هذه الأوامر التي لم يعملوا بها في تلك السرية ـ وطعن قوم منهم في تأمير أسامة كما طعنوا من قبل في تأمير أبيه ، وقالوا في ذلك فأكثروا مع ما شهدوه من عهد النبي له بالامارة وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ « فقد وليتك هذا الجيش » ورأوه يعقد له لواء الامارة وهو محموم بيده الشريفة فلم يمنعهم ذلك من الطعن في تأميره حتى غضب صلىاللهعليهوآلهوسلم من طعنهم غضباً شديداً فخرج بأبي هو وأمي معصب الرأس (٦) مدثراً بقطيفته محموماً ألماً ، وكان ذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول قبل وفاته بأبي هو وأمي بيومين (٧) فصعد المنبر فحمد
__________________
(٦) كل من ذكر هذه السرية من المحدثين وأهل السير والأخبار نقل طعنهم في تأمير أسامة وانه (ص) غضب غضباً شديداً فخرج على الكيفية التي ذكرناها فخطب الخطبة التي أوردناها ، فراجع سرية أسامة من طبقات ابن سعد وسيرتي الحلبي والدحلاني وغيرها من المؤلفات في هذا الموضوع.
(٧) هذا بناء على ما ذكره الحلبي والدحلاني في سيرتيهما ورواه المحدثون من أهل السنة كابن سعد في سرية أسامة من طبقاته ، وهي في آخر القسم الأول من الجزء الثاني من الطبقات.