بقى هنا أمر ننبهك اليه لتكون على يقين بمعذرة المتأولين ، وهو أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأصحابه (٣٢) ( يوم التقى الجمعان في بدر ) قد عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم أخرجوا اكراهاً ، فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ، فانه أخرج كرها. نهى عن قتل بني هاشم عموماً وعن قتل العباس منهم بالخصوص حين كانوا في ساحة القتال لكونهم مكرهين على ذلك ، فالعجب ممن اقترح بعدها عليه بأبي هو وأمي أن يقتل العباس وعقيلا بيدي أخويهما حمزة وعلي فهل هذا من مظاهر رفقه بالنبي وأهل بيته (ص) ، أو من موارد تعبده بنصوصه المقدسة ؟! كلا بل هو من الشواهد على أنه كان يؤثر رايه على التعبد بها كما لا يخفى.
وقد استاء أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة من نهي النبي (ص) عن قتل العباس وسائر بني هاشم حتى قال ( كما في تاريخي ابن الأثير وابن جرير وسيرتي الحلبي والدحلاني وغيرهما ) : أنقتل آباءنا وأبناءنا واخواننا ونترك العباس ، والله لئن لقيته لا لجمنه بالسيف ، فبلع النبي ذلك النبي فقال لعمر رضياللهعنه : يا أبا حفص اما تسمع قول أبي حذيفة ، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟ فانظر كيف استنجده للدفاع عن عمه واعجب من اقتراحه بعد ذلك عليه قتله.
وقد ذكر المؤرخون كافة أنه لما أمسى العباس مأسوراً بات رسول الله بأبي هو وأمي ساهراً ، فقال له أصحابه : يا رسول الله مالك لا تنام ؟ فقال : سمعت تضور العباس في وثاقه فمنع مني النوم فقاموا اليه فأطلقوه فنام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
بأن لا يعذبكم والنبي فيكم كما صرحت به محكمات الفرقان ( لمسكم فيما أخذتم ) به من الرأي والعزم في شأن العير وأصحابه ( عذاب عظيم ).
(٣٢) كما في تاريخي ابن جرير وابن الاثير وسيرتي الدحلاني والحلبي وغيرها.