وأيضاً لم يخدش في وثاقته عندهم عهده بالخلافة إلى ابنه يزيد ، وهو صبي يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ولا يعرف من الدين موطئ قدمه مع معرفته بليله ونهاره واعلانه واسراره وعلمه بمنزلة الحسين (ع) من الله عز وجل ومكانته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومحله في نفوس المؤمنين ، على انه كان يومئذ في المهاجرين والأنصار وبقية البدريين وأهل بيعة الرضوان جم غفير وعدد كثير كلهم قارئ للقرآن عالم بمواقع الأحكام خبير بالسياسة حقيق على رأي الجمهور بالخلافة والرياسة ، فلم يراع سابقتهم في الاسلام ولا عناءهم في تأييد الدين وأمر عليهم شريره المتهتك وسكيره المفضوح ، فكان منه في طف كربلاء مع سيد شباب أهل الجنة وخامس أصحاب الكساء ما أثكل النبيين وأبكى الصخر الأصم دما ورمى المدينة الطيبة بمجرم بن عقبة ، وكان أبوه معاوية قد عهد (٦٥) بذلك اليه كما نص عليه جماعة (٦٦) فكانت أمور تكاد السماوات يتفطرن منها. وحسبك انهم أباحوا المدينة المنورة ثلاثة أيام حتى
__________________
في مسانيدهم وصحاحهم ، أما البخاري فقد احتج به في كتاب الجهاد والسير في باب قوله تعالى ( فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ) من صحيحه ، واحتج به أيضاً في أول باب وصل الشعر من كتاب اللباس ، وفي مواضع أخر لا تخفي على المتتبع.
(٦٥) غير مبال بدعاء النبي (ص) على من أخاف أهل المدينة ، ولا مكترث بقوله (ص) « من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا » أخرجه احمد من حديث السائب بن خلاد بطريقين في صفحة ٥٦ من الجزء ٤ من مسنده.
(٦٦) منهم الامام ابن جرير الطبري في الصفحة الاخيرة من حوادث سنة ٦٣ في اوائل الجزء ٧ من تاريخه ، وابن عبد ربه المالكي حيث ذكر وقعة الحرة في الجزء الثاني من العقد الفريد.