وأبادهم غدراً واستأصلهم عتواً وطحنهم حرباً وسمل أعينهم ظلماً وقطع أيديهم وأرجلهم بغيا واستل ألسنة لهم تنطق بالحق عناداً واسقط شهاداتهم زورا وتقول عليهم افتراء وطلق حلائلهم مكراً وأخذ أموالهم سلباً وصاح في حجراتهم نهبا وهدم دورهم عشياً واقصاهم نفياً وأوسعهم ذلاً وضيق عليهم حبسا ودفنهم أحياء ولعنهم على المنابر أمواتاً ـ لافنينا المحابر واستغرقنا الصحف والدفاتر ثم لم نبلغ غايتنا المقصودة ولم نظفر بضالتنا المنشودة وكذلك لو أردنا أن نتصدى للأحكام التي بدلها والحدود التي عطلها والبوائق التي ارتكبها والفواقر التي احتقبها والدواهي التي حدثت في زمانه والغاشمين الذين اشركهم في سلطانه كابن شعبة وابن العاص وابن سعيد وابن ارطأة وابن جندب ومروان وابن السمط وزياد وابن مرجانة والوليد الذين فعلوا الأفاعيل وقهروا الأمة بالأباطيل وساموا عباد الله سوء العذاب يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم وحسبك ما اجمع أهل الأخبار على نقله واتفق أهل العلم على صدوره من بعثه بسراً سنة أربعين لاستئصال من في اليمن من عباد الله الصالحين ، فراجع ما شئت من كتب الأخبار ولاحظ ما يحضرك مما يشتمل على أحداث تلك السنة من كتب الآثار ، لتعلم فظاعة هذه الواقعة وتعرف كنه ما كان يوم هذه الفاجعة من قتل الشيوخ الركع وذبح الأطفال الرضع ونهب الأموال وسبي العيال ، وما ينس فلا ينس ما فعله يومئذ بنساء همدان ، اذ سباهن فأقمن ( كما في ترجمة بسر من الاستيعاب ) في السوق ، وكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها.
قال في الاستيعاب : فكن أول مسلمات سبين في الاسلام ، وما أدري هذه
__________________
في ذلك اخص اوليائه به وأشدهم ملازمة له عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، حارب معه في صفين وحالفه على عداوة أمير المؤمنين ثم بعدها باعه بالتافه الزهيد وقتله مخافة أن ترغب الناس به عن يزيد ، وقصته مشهورة عند أهل الاخبار مستفيضة بين أهل السير والآثار ، فراجع ترجمة عبد الرحمن من الاستيعاب تجد التفصيل.