لكن الجمهور لما بنوا على اجتهاد معاوية عذروه في اعمال عماله ، ولم يخدش في عدالته عندهم بوائقه ولا بوائق رجاله.
وعذروه أيضاً في حربه علياً عليهالسلام ، وهو اخو النبي ووصيه ونفسه في آية المباهلة ووليه بعد انعقاد البيعة له حتى قتل من المسلمين ألوف مؤلفة ، وقد قال رسول الله (ص) فيما أخرجه البخاري (٨٢) ومسلم في صحيحيهما « سباب المسلم فسوق وقتاله كفر » (٨٣) وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم جلل علياً وفاطمة والحسن والحسين بالكساء فيما ذكره ابن حجر في صواعقه (٨٤) وابو بكر بن شهاب الدين في رشفته من جملة حديث : « أنا حرب لمن حاربهم
__________________
(٨٢) راجع من صحيح البخاري باب قول النبي (ص) لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض من كتاب الفتن في الجزء الرابع وراجع من صحيح مسلم كتاب الايمان.
(٨٣) فان قلت : كيف قاتل علي (ع) كلا من أهل الشام والبصرة والنهروان وهم مسلمون ؟ قلت : انما قاتلهم عملاً بقوله تعالى ( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللهِ ) ولا ريب ببغي معاوية وأصحابه بدليل قتلهم لعمار ، على ان بغيهم أوضح من النهار.
وأيضاً أخرج مسلم في باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع من كتاب الامارة من صحيحه عن عرفجة قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من اتاكم وامركم مجمع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه ا ه. وقال ابن عبد البر في ترجمة علي من الاستيعاب ما هذا لفظه : وروي من حديث علي ومن حديث ابن مسعود حديث ابي ايوب الأنصاري انه « يعني علياً » أمر بقتال الناكثين « يوم الجمل » والقاسطين « يوم صفين » والمارقين « يوم النهروان » قال : وروي عنه انه قال : ما وجدت الا القتال أو الكفر بما انزل الله ا ه.
(٨٤) في الآية الاولى من الآيات التي أوردها في الفصل الأول من الباب الحادي عشر.