بعد هذا من جريان الاجتهاد فيها ، وأي دليل كفر المتأولين من منكريها.
فان القوم لم تكن بينهم وبين الحق عداوة وانما قادتهم الأدلة الشرعية إلى القطع باشتراط أمور في القائم في مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمستوى على مرقاة الخلافة عنه ، كعدم سبق الكفر منه على الايمان وكعصمته والعهد اليه وعدم كونه مفضولاً ، واستدلوا على هذه الشروط بأدلة من الكتاب والسنة والعقل كثيرة لا يسع المقام بيانها ، وقد استقصيناها في كتابنا « سبيل المؤمنين ».
وهبها شبهاً كما تقول لكنها توجب العذر لمن غلبت عليه لانها من الكتاب والسنة ، وقد الجأته إلى القطع بما صار اليه ، فان كان مصيباً والا فقد أجمع المسلمون على معذرة من تأول في غير أصول الدين وان اخطأ كما سمعته في فصل المتأولين.
على انه لا وجه التكفير بانكارها حتى لو فرضنا انها من أصول الدين عندهم ، لأنها ليست من الضروريات التي يرجع انكارها إلى تكذيب النبي (ص) ولا هي في نظر منكريها من الأمور التي قد انعقد الاجماع عليها ، وقد سبقوا بشبهة من الكتاب والسنة تمنعهم من الاعتقاد بها ، ألا ترى أن الشيعة لم تكفر أهل السنة بانكرها امامة الأئمة من أهل اليت عليهمالسلام مع أن امامتهم من أصول الدين على رأي الشيعة ، وكذلك العدلية من الشيعة والمعتزلة لم تكفر طائفة الاشاعرة بانكارها العدل مع انه من الأصول عندهم أيضاً.
وقد تأول في انكار هذه الخلافة سعد بن عبادة وحباب بن المنذر الانصاريان وتخلف عنها جمعة وأكره عليه آخرون كما ذكرناه في فصل المتأولين ، فلم يكفر أحد من أولئك بما كان منه ولا فسق بما تواتر من القول والفعل عنه ، فكيف هؤلاء وحكم الله واحد يا أيها المنصفون ؟ على أن الأحاديث المتواترة من طريق العترة الطاهرة والصحاح الوافرة من طريق أهل السنة ، ألجأت هؤلاء إلى القطع بعهد النبي (ص) إلى علي من بعده ، فدانوا بما رأوا انه الحق من دين