قال : فكتب اليه أعلم يا أخي أن الاقدام على تكفير المؤمنين (١) عسر جدا ، وكل من في قلبه ايمان يستعظم القول بتكفير أهل الأهواء والبدع ، مع قولهم « لا إله إلا الله محمد رسول الله » ، فان التكفير أمر هائل عظيم الخطر ـ إلى آخر كلامه وقد أطال في تعظيم التكفير وتفضيع خطره.
ودونك يواقيت الشعراني فانها تنقل الجواب عن خط السبكي على طوله ، وفي آخره ما هذا لفظه : فالأدب من كل مؤمن أن لا يكفر أحداً من أهل الأهواء والبدع ، اللهم إلا أن يخالفوا النصوص الصريحة التي لا تحتمل.
هذا كلامه ولا يخفى تصريحه بقصر التفكير على مخالف النصوص الصريحة عناداً لله وجحوداً لما علم حكمه بالضرورة من دين الاسلام ، وقد دقَّ في هذه الفتوى أصلاب المرجفين ، واستل ألسنة المتشدقين ، وقطع أمل من يبتغي تفريق المسلمين ، من كل أفاك أثيم.
وفي الصفحة العاشرة من طبقات الشعراني ما لفظه : وسُئل سيدنا ومولانا شيخ الاسلام تقي الدين السبكي عن حكم تكفير غلاة المبتدعة ، وأهل الأهواء ، والمتفوهين بالكلام على الذات المقدسة ؟ فقال (رضياللهعنه) : اعلم أن كل من خاف الله عز وجل استعظم القول بالتكفير لمن يقول : « لا أله إلا الله محمد رسول الله » ، ثم أورد جواب السبكي وهو طويل ، جاء في آخره ما هذه ألفاظه : فما بقي الحكم بالتكفير الا لمن اختاره ديناً وجحد الشهادتين وخرج عن دين الاسلام جملة ـ ا ه.
قلت : الظاهر من اختلاف عبارة السؤالين والجوابين كونهما متعددين كما لا
__________________
(١) أنظر كيف أطلق لفظ « المؤمنين » على أهل الهواء والبدع بدون تكلف.