فآتوهن أجورهن ) حتى ان كلا من أُبي بن كعب وابن عباس (٢) وسعيد ابن جبير والسدي وغيرهم كانوا يقرءونها : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل
__________________
( وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ).
(٢) أرسل الزمخشري في كشافه هذه القراءة عن ابن عباس ارسال المسلمات ، والرازي ذكر في تفسير الآية انه روى عن أُبي بن كعب انه كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن اجورهن ). قال : وهذا هو أيضاً قراءة ابن عباس. قال : والامة ما انكروا عليهما في هذه القراءة. قال : فكان ذلك اجماعا من الأمة على صحة هذه القراءة ـ هذا كلامه بلفظه فراجعه في صفحة ٢٠١ من الجزء ٣ من تفسيره الكبير.
ونقل القاضي عياض عن المازري ( كما في أول باب نكاح المتعة من شرح صحيح مسلم للفاضل النووي ) ان ابن مسعود قرأ « فما استمتعتم به منهن إلى اجل » والاخبار في ذلك كثيرة. وصرح عمران بن حصين الصحابي بنزول هذه الآية في المتعة وانها لم تنسخ حتى قال رجل فيها برأيه ما شاء.
ونص على نزول الآية في المتعة مجاهد أيضاً فيما أخرجه عنه الطبري في تفسيره باسناده اليه ، فراجع صفحة ٩ من الجزء ٥ من تفسيره الكبير.
ويشهد لنزولها في ذلك بالخصوص ان الله سبحانه قد أبان في أوائل السورة حكم نكاح الدائم بقوله تعالى : ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ) إلى أن قال : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) فلو كانت هذه الآية في بيان الدائم أيضاً للزم تكرار ذلك في سورة واحدة ، أما اذا كانت لبيان المتعة المشروعة بالاجماع فانها تكون لبيان معنى جديد.
وأهل النظر ممن تدبر القرآن الحكيم يعلمون ان السورة قد اشتملت على بيان الانكحة الاسلامية كلها ، فالدائم وملك اليمين تبيتا بقوله تعالى : ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ).
والمتعة مبينة بآيتها هذه ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) ونكاح الاماء مبين بقوله تعالى : ( وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِن فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ ) إلى أن قال : ( وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ).