والذي نقله متكلم الأشاعرة وحكيمهم الامام القوشجي في أواخر مبحث الامامة من شرح التجريد أن عمر قال وهو على المنبر : أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله (ص) وأنا انهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحي على خير العمل ، ثم اعتذر عنه بأن هذا إنما كان منه على تأول واجتهاد ، والأخبار في ذلك كثيرة تضيق هذه الفصول عن استقصائها.
وقد استمتع في أيامه ربيعة بن أمية بن خلف القرشي الجمحي ( وهو أخو صفوان ) فيما أخرجه الامام مالك في باب نكاح المتعة من موطأه عن عروة بن الزبير : أن خولة بنت حكيم السلمية دخلت على عمر فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه ، فخرج عمر يجر رداءه ( من العجلة والغضب ) فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت ا ه. أي لو كنت تقدمت في تحريمها والانذار برجم فاعلها قبل هذا لرجمت ، إذ كان هذا القول منه قبل نهيه عنها ، نص على ذلك ابن عبد البر كما في شرح الزرقاني لهذا الحديث من الموطأ ، وربما يكون المراد بقوله : « لو كنت تقدمت فيها لرجمت » انه لو تقدم باقامة الحجة من الكتاب والسنة على نسخها لرجم ، وحيث لا حجة على تحريمها فلا رجم.
وكيف كان فكلامه هذا ظاهر بأن التصرف في حكمها إنما هو منه لا من سواه ، وخطبته تلك على المنبر نص صريح بذلك ، حيث روى كون المتعتين كانتا على عهد النبي (ص) ولم يرو نهيه عنهما ، بل أسند النهي عنهما إلى نفسه ، فقال : « وأنا انهى عنهما » مقدما للمسند اليه ليكون النهي عنهما مقصورا عليه ، ولو كان هناك ناسخ لذكره كما لا يخفى.