القدوري (١٠) في الفقه الحنفي في صفحة ١٦٤ من جزئه الأول : ان المؤلفة قلوبهم جاءوا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ابي بكررضياللهعنهليكتب لهم بعادتهم ، فكتب لهم بذلك فذهبوا بالكتاب إلى عمر (رض) ليأخذوا خطه على الصحيفة ، فمزقها وقال : لاحاجة لنا بكم فقد اعز الله الاسلام واغنى عنكم ، فان اسلمتم والا فالسيف بيننا وبينكم فرجعوا إلى ابي بكر فقالوا له : انت الخليفة أم هو ؟ فقال : بل هو إن شاء الله وامضى ما فعله عمر واستقر الأمر من يومها عند الجمهور على اسقاط هذا السهم ، بحيث لا تبرأ الذمة عندهم باعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة.
ومنها تأولهم آية الخمس ، وهي قوله تعالى في سورة الانفال : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم (١١) مِن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَىٰ وَاليَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ
__________________
بها كتاباً فانطلقا إلى عمر ليشهد لهما فيه ، فأخذه منهما ثم تفل فيه فمحاه ، فتذمرا وقالا له مقالة سيئة ، ثم ذهباً إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا : والله ما ندري أأنت الخليفة أم عمر ؟ فقال : بل هو ، وجاء عمر حتى وقف على ابي بكر وهو مغضب فقال : اخبرني عن هذه الأرض التي اقطعتها هذين اهي لك خاصة أم بين المسلمين ؟ فقال : بل بين المسلمين. فقال : ما حملك على ان تخص بها هذين ؟ قال : استشرت الذين حولي. فقال : أوكل المسلمين وسعتهم مشورة ورضا ؟ فقال أبو بكر (رض) : فقد كنت قلت لك انك اقوى على هذا الأمر مني لكنك غلبتني.
نقل هذه القضية ابن ابي الحديد في الجزء الثاني عشر من شرح النهج في صفحة ١٠٨ من المجلد الثالث ، والعسقلاني في ترجمة عيينة من اصابته وغيرهما. وليته كان يوم السقيفة وسع كل المسلمين مشورة ، ويا حبذا لو تأنى حتى يفرغ بنو هاشم من أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(١٠) هو من أشهر الكتب الحنفية يتبركون به ، ولمصنفه شأن عظيم ، وما نقلناه هنا عنه مصرح به في كلمات المحدثين والفقهاء كما لا يخفى.
(١١) الغنيمة لغة هي الفوز بالشيء ، وذلك أعم من غنائم دار الحرب ، وبهذا تعلم دلالة الآية على مذهبنا في الخمس.