وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ (١٢) وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) حيث صرفوا الخمس إلى خلاف منطوقها.
فذهب الامام مالك « كما هو معلوم من مذهبه » إلى ان الخمس بأسره مفوض إلى السلطان يصرفه كيف شاء وانه لاحق لأحد بالمطالبة فيه ، وذهب الامام ابو حنيفة « كما هو بديهي من مذهبه » إلى انه يقسم ثلاثة اسهم : فيعطى لمطلق ايتام المسلمين سهم ، ولمطلق مساكينهم سهم ، ولمطلق ابناء السبيل منهم سهم ، ولا فرق عنده في ذلك بين ذي القربى منهم وغيره.
وانت ترى نص الكتاب قد فرض لذي القربى في الخمس حقاً قصره عليهم ، وتعلم ان السنة المطهرة قد جعلت لهم فيه سهما لن تبرأ الذمة إلا بدفعه اليهم ، وقد اجمع كافة أهل القبلة من أهل كل مذهب منهم ونحلة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يختص بسهم من الخمس ويخص منه اقاربه بسهم آخر ، ولم يعهد بتغيير ذلك إلى أحد حتى لحق بربه عز وجل فلما ولي ابو بكر (رض) تأول الأدلة فأسقط سهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسهم ذوي القربى ، ومنع « كما في تفسير هذه الآية من الكشاف وغيره » بني هاشم من الخمس.
وفي أواخر باب غزوة خيبر من صحيح البخاري في صفحة ٣٦ من جزئه الثالث ان فاطمة ارسلت إلى ابي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (ص) مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فأبى ابو بكر أن يدفع اليها شيئاً ، فوجدت عليه فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي (ص) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ، ولم يؤذن بها ابا بكر وصلى عليها ـ الحديث. وهو موجود أيضاً في باب قول النبي « لا نورث ما تركناه فهو
__________________
(١٢) معنى هذا الشرط ان الخمس مصروف إلى هذه الوجوه الستة فاقطعوا عنه اطماعكم وأدوه لأربابه ان كنتم آمنتم بالله ، وفيه من البعث على أداء الخمس والانذار لتاركيه ما لا تسع بيانه عبارة.