المتضادّة في فعل واحد ، وإن كان من جهتين وأزيد (١).
وفي «المدارك» (٢) جعل دليل الصحّة قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) (٣).
وفيه ، أنّه استثناء عن النهي ، وهو قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا) فالكلام صريح في أنّ التجارة عن تراض منكم لا نهي فيها ، فإذا كان حراما جزما فكيف يكون داخلا فيما لا نهي فيها؟
وأمّا ما قال ـ أيضا ـ دليل الصحّة قوله عليهالسلام : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (٤) فلم يعهد من الفقهاء الاستدلال به لتصحيح بيع ، لأنّ المفرد المحلّى باللام لا عموم له لغة ، وأمّا بحسب العرف ، وإن كانوا يفهمون العموم ، إلّا أنّه بالقياس إلى الأفراد الشائعة ، وكون الحرام من جملة الأفراد الشائعة في هذا الحديث محلّ نظر.
مع أنّ اتّحاد عموم البيع مع عموم المبيع محلّ مناقشة ، مع أنّ هذا الإطلاق إنّما اتي به لإفادة حكم آخر ، وهو كونهما بالخيار إلى الافتراق.
فلعلّ المراد من البيع ، البيع الصحيح بالخيار ما لم يفترقا ، لا أن يكون المراد كلّ بيع صحيح ، وبينهما فرق ظاهر.
ولعلّه لما ذكرنا قال بعض المحقّقين بأنّ النهي هنا يرجع في الحقيقة إلى خارج المعاملة ، وهو ترك السعي والمحروميّة عن صلاة الجمعة ، فلا مانع من الصحّة حينئذ إجماعا (٥).
__________________
(١) لاحظ! الوافية : ٩٣.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٧٨.
(٣) النساء (٤) : ٢٩.
(٤) الكافي : ٥ / ١٧٠ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ١٨ / ٦ الحديث ٢٣٠١٣.
(٥) قاله صاحب إرشاد الجعفريّة كما في مفتاح الكرامة : ٣ / ١٥٥ و ١٥٦.