الجميع ، وخرج المسافر للأخبار الدالّة على أنّها ليست واجبة عليه ، بل الله تعالى وضعها عنه وإن تمكّن من فعلها ، بل لم يكن من المخاطبين بوجوب فعلها أصلا ، لأنّ الخاصّ خارج عن الحكم العام من أوّل الأمر ، كما هو المحقّق والمسلّم ، وليس مثل النسخ.
فعلى هذا لو كان هذا المسافر داخلا في تلك الأخبار ، فلا جرم لا يكون الجمعة واجبة عليه أصلا ، والله وضعها عنه مطلقا من دون إثم ، كما هو مقتضى تلك الأخبار.
وإن قال بأنّ ذلك مخالف للإجماع وغيره ، فمقتضى ذلك عدم شمول تلك الأخبار له ، فالمقتضي لوجوب الجمعة موجود ، والمانع مفقود ، فلم ينهض دليل على حرمة السفر حينئذ ، وأيضا وجوبها عليه مستصحب حتّى يثبت خلافه ، ولم يثبت ، لما عرفت (١).
كما أنّ الظهر لو كانت واجبة عليه بالإتمام ، يكون وجوبها كذلك حتّى يثبت خلافه ، وما دلّ على القصر في خصوص المقام معارض بمثله.
وأمّا العمومات ، فلعلّ المقام خارج عنها ، لأنّ الخاصّ مقدّم ، سيّما إذا لم يكن من الأفراد الشائعة للعام.
والظاهر أنّ نظر المحقّق الشيخ علي إلى هذا ، لا إلى القياس ، حاشاه عنه ، وإن أمكن التنظر فيه وتقوية كون المعيّن عليه هو القصر ، كما ذكره ، وسيجيء إن شاء الله تعالى في موضعه.
الثالث : لو كان بعيدا عن الجمعة بفرسخين فما دون ، فخرج مسافرا في صوب الجمعة ، قيل : يجب عليه الحضور عينا وإن صار في محلّ الترخّص ، لأنّه
__________________
(١) في (ز ١ ، ٢) و (ط) : على حئ ما عرفت.