لولاه لحرم عليه السفر (١) ، ولأنّ من هذا شأنه يجب عليه السعي قبل الزوال ، فيكون سبب الوجوب سابقا على السفر ، كما في الإتمام لو خرج بعد الزوال.
واحتمل في «الذكرى» عدم كون هذا المقدار محسوبا من المسافة ، لوجوب قطعه على كلّ تقدير (٢).
ولعلّ مراده أنّ الله تعالى أمره بالسعي إلى الجمعة في كلّ جمعة ، وكان يفعل كذلك وما كان يحاسب من جملة السفر الشرعي أصلا ، وإن كان مسافرا لغة وعرفا ، ففي كلّ جمعة كان يسافر هذا السفر بأمر الله تعالى ، وما كان يقال بأنّه سافر بالسفر الشرعي.
فهذه الجمعة أيضا مثل الجمعات السابقة يجب عليه السعي إلى الجمعة ، لعموم ما دلّ عليه ، وبطريق عادته لا بدّ أن يسعى ويوجد ما لم يكن يقال فيه : إنّه سفر شرعي ، فالسفر الشرعي ، وما يقال : إنّه الذي يجب عليه القصر ابتداؤه ممّا زاد على ما امر به ، وما كان يسعى في طيّه بعنوان الوجوب لدرك الجمعة ، فلا يكون داخلا في السفر الذي وضع الجمعة عنه فيه ، فتأمّل!
واستقرب في «المدارك» كون وجوب السعي له في غير هذه الصورة ، بل في الصورة التي لم ينشأ من المكلّف سفر مسقط للجمعة (٣).
وفيه تأمّل ، لأنّ ما دلّ على وجوب السعي عام مقدّم على إنشاء السفر ، ومستصحب حتّى يثبت خلافه وهو الإسقاط ، فإنّ الإسقاط فرع الثبوت ويترتّب عليه ، ولم يعلم السقوط بعد ، إذ على تقدير تسليم عموم يشمل الفرض النادر ،
__________________
(١) لاحظ! ذكرى الشيعة : ٤ / ١١٥.
(٢) ذكرى الشيعة : ٤ / ١١٥.
(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٦٢.