يمكن أن يقال : إنّ الخاصّ مقدّم ، فتأمّل ، والاحتياط طريقه واضح ، بل لعلّه لا محيص عنه في أمثال المقام.
قوله : (ويكره). إلى آخره.
ادّعى في «التذكرة» إجماع علمائنا عليه (١) ، والخبر هو الذي ذكرنا عن «التذكرة» (٢) ، وتنزيله على الكراهة من جهة ضعف السند مع عدم الانجبار ، لما عرفت من أنّه ليس دليل علمائنا على حرمة السفر بعد الزوال ، فلا يثبت به الحرمة ، مع احتمال كونه حقّا ، لأنّ الحرمة لا تثبت بالاحتمال ، إلّا أنّه يحصل منه شبهة ما ، والتجنّب عن الشبهات مهما أمكن مطلوب شرعا ، على أنّه بملاحظة الإجماع ينتفي احتمال الحرمة ، فيحمل على الكراهة من جهة هذه القرينة ، وهو قابل للحمل على الكراهة بعد وجود القرينة.
وممّا ذكر ظهر التأمّل فيما ذكره المصنّف من قوله : (ويحتمل التحريم). إلى آخره ، إذ كيف يحتمل مع وجود الإجماع الذي استند إليه ، إلّا أن يكون متأمّلا فيه ، أو في كون المراد من الكراهة المعنى المصطلح عليه الآن عند الفقهاء ، فتأمّل!
ثمّ اعلم! أن المشهور عند فقهائنا المسامحة في أدلّة السنن ، بل في أدلّة الكراهة أيضا على ما نجد.
ومنشأ المسامحة هو ما ذكرناه من أنّ المستند الضعيف وإن لم يثبت الوجوب أو الحرمة ، لعدم العلم ولا الظن المنتهي إلى العلم ، والأصل براءة الذمّة من التكاليف حتّى يعلم ويثبت ، إلّا أنّ التجنّب عن الشبهات ، ودفع الضرر المحتمل مهما أمكن
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ١٨.
(٢) راجع! الصفحة : ١١٥ من هذا الكتاب.