ورواها في «العيون» و «العلل» أيضا أنّه عليهالسلام قال : «إنّ الصلاة إنّما قصرت في السفر ، لأنّ الصلاة المفروضة أوّلا إنّما هي عشر ركعات والسبع إنّما زيدت فيما بعد ، فخفّف الله عزوجل عن العبد تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته ، لئلّا يشتغل عمّا لا بدّ له من معيشته رحمة من الله عزوجل وتعطّفا» (١) الحديث.
بل إذا كان السفر بعنوان الطوع والرغبة ، بل والاشتهاء والشوق يقصر فيه ، للعلّة المذكورة ، فالذي يكون بعنوان عدم الطوع والرغبة ، بل ويكون بالكره والنفرة يكون القصر فيه بالعلّة المذكورة بطريق أولى.
فإن قلت : التابع غير قاصد ، وسيجيء أنّ قصد المسافة شرط.
قلت : هو قاصد بالضرورة ، كيف؟ وهو يمشي ويحرّك رجله إلى صوب المنزل ويطوي المسافة ، وإذا كان راكبا ، فهو يركب ويميل مركوبه إلى صوب المنزل ، ويحرّكه ويسوقه إلى أن يطوي المسافة ، ويصل المقصد وينزل فيه ، كالمتبوع ، غاية ما في الباب أنّ قصده بالتبع أو إلجاء أو اضطرار ، كالهارب من السبع والحيّة والعدوّ ، إذ لا شكّ في أنّه يقصد المشي ، وطيّ المسافة خوفا وإلجاء.
وبالجملة ، الفعل الصادر عن الفاعل المختار يكون بشعور ، وإذا كان بشعور فيكون بإرادة قطعا وإن كان كارها ، إلّا أن يصدر عنه بغير شعور ، كالنائم والمغمى عليه وأمثالهما.
وبالضرورة ليس فعل التابع من هذا القبيل ، بل يحرك رجله أو دابّته بشعور منه ، وإن كان تبعا أو خوفا أو كرها بل أكثر الأسفار يكون كرها ، فإنّ
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ١١٩ الحديث ١ ، علل الشرائع ١ / ٢٦٦ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٢٠ الحديث ١١٣٣٧ مع اختلاف يسير.