السفر قطعة من السقر ، فيسافر العبد خوفا من الله ، أو من سلطان ، أو من ضيق معاش ، أو غير ذلك.
نعم ، إن لم يعرف التابع قصد متبوعه للمسافة ، أو عرف أنّه قاصد لها ، إلّا أنّه لا يعرف ولا يظن أنّه يتبعه أم لا ، لا يكون حينئذ قاصدا للمسافة أصلا لا بالأصالة ولا بالتبع ، فيكون اللازم عليه الإتمام.
وأمّا إذا عرف أنّ المتبوع قاصد للمسافة ، وظهر من قوله أو غيره أنّه أيضا تابع له في المسافة ، سواء حصل له العلم بذلك أو الظنّ يقصر ، لأنّه أيضا قاصد لها بالتبع.
لا يقال : المتبادر من قصد المسافة ـ الذي هو شرط ـ أن يكون بالأصالة والطوع والرغبة.
لأنّا نقول : هذا الشرط ثبت من إجماع العلماء والأخبار ، والفقهاء صرّح بعضهم بأنّه أعمّ ، ويظهر ذلك من كلام غيره أيضا (١) ، ومدار المسلمين في الأعصار والأمصار قد عرفت ، وعرفت أيضا فعل الرضا عليهالسلام وغير ذلك ، والخبر ستعرف أنّه أيضا ظاهر في العموم ، ولو لم يكن ظاهرا فيه لم يكن ظاهرا في اشتراط الخصوص ـ كما ستعرف ـ فيكون التابع داخلا في العمومات والإطلاقات الدالّة على وجوب القصر على حسب ما عرفت ، بل عرفت ما دلّ بعنوان الخصوص أيضا.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ القصر في السفر له شروط :
الأوّل : المسافة ، وهو إجماعي بين الشيعة ، ووافقهم العامّة إلّا النادر منهم (٢) ، والأخبار فيه متواترة ، وستعرف بعضها عند ذكر مقدارها.
__________________
(١) في (ز ١) و (ط) من كلامه أيضا.
(٢) شرح فتح القدير : ٢ / ٢٧ ، لاحظ! الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٤٧٣.