الثاني : أن يكون المسافر قاصدا لها ، فلو قصد دون المسافة ثمّ قصد دونها لم يقصر ولو قطع أضعاف المسافة ، وكذا لو خرج غير ناو للمسافة (١) وإن بلغ مسافات ، وهذا الشرط أيضا إجماعي.
ويدلّ عليه أنّ المسافة شرط ومعتبر قطعا ، كما عرفت ، واعتبارها إنّما يتحقّق بأحد أمرين : إمّا قصدها ابتداء ، وإمّا قطعها أجمع.
والثاني غير معتبر إجماعا ، ويدلّ على عدم اعتباره الأخبار أيضا ، حيث ورد فيها الأمر بالقصر والإفطار من ابتداء المسافة بعد بلوغ حدّ الترخّص إلى انتهائها (٢) ، وأنّه لا يجب لصحّة القصر والإفطار من الابتداء وما بعده تحقّق قطعها أجمع ، فإن بدا له في الأثناء تكون الصلاة المقصورة التي صلّاها صحيحة ، لا يجب إعادتها ولا قضاؤها ـ كما سيجيء ـ وكذا الحال لو مات في الأثناء ، أو خرج عن التكليف ، فتعيّن الأوّل.
ويدلّ عليه أيضا الأخبار الآتية في الشرط الثالث ، وصحيحة صفوان أنّه سأل الرضا عليهالسلام : عن الرجل خرج وليس يريد السفر ثمانية فراسخ ، وإنّما خرج يريد أن يلحق صاحبه حتّى بلغ النهروان؟ فقال : «لا يقصّر ولا يفطر ، لأنّه خرج عن منزله ، وليس يريد السفر ثمانية فراسخ ، وإنّما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه» (٣).
وهذا يدلّ على أنّه إذا لم يرد السفر ثمانية فراسخ يكون عليه التمام من جهة أنّه لم يرد السفر أصلا ـ لا أصالة ولا تبعا ـ هذا المقدار ، فمفهومه أنّه إذا أراده في
__________________
(١) في (ز ١) و (ط) : وكذا لو خرج قاصد غير المسافة.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٠ الباب ٦ من أبواب صلاة المسافر.
(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٢٥ الحديث ٦٦٢ ، الاستبصار : ١ / ٢٢٧ الحديث ٨٠٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٨ الحديث ١١١٩٠ مع اختلاف يسير.