الجملة يكون عليه القصر.
مع أنّك عرفت أنّ الأصل في المسافر القصر مطلقا خرج من لم يقصد المسافة مطلقا ـ لا أصالة ولا تبعا ـ وبقي الباقي فيه.
الثالث : استمرار ذلك القصد إلى انتهاء المسافة ، فلو رجع عن قصده قبل بلوغها أتمّ من حين الرجوع.
وكذا لو تردّد عزمه في الذهاب والرجوع ، وهو أيضا رجوع ، وأمّا ما مضى من الصلاة التي صلّاها فسيجيء حكمها.
ويدلّ على هذا الشرط صحيحة أبي ولّاد ، عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : إنّي خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة ، فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة ثمّ بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر اصلّي في رجوعي بتقصير أم بتمام؟ فقال : «إن كنت سرت في يومك بريدا لكان عليك حين رجعت أن تصلّي بالقصر ، لأنّك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك ، وإن كنت لم تسر بريدا فإنّ عليك أن تقضي كلّ صلاة صلّيتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام» (١).
وهذه الصحيحة وإن تضمّنت الأمر بقضاء الصلوات الواقعة قبل البداء الواقع قبل سير البريد ، مع أنّ هذا القضاء غير واجب على ما ستعرف ، فلا يكون هذا الأمر باقيا على حقيقته وظاهره ، إلّا أنّه غير مضرّ ، لأنّ بعض الخبر إن كان محمولا على خلاف الحقيقة والظاهر ، لا يصير منشأ للوهن في الباقي ، كما حقّق في محلّه.
ورواية سليمان بن حفص المروزي قال : قال الفقيه عليهالسلام : «التقصير في الصلاة بريدان أو بريد ذاهبا وبريد جائيا ، والبريد ستّة أميال وهو فرسخان فالتقصير في
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩٨ الحديث ٩٠٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٩ الحديث ١١١٩٣ ، مع اختلاف.