فإذا مضوا قصّروا» (١).
ثمّ لا يخفى أنّ المسافة ـ على ما ستعرف ، وهي ثمانية فراسخ ـ أعم من أن يكون ذهابا فقط أو أربعة ذهابا وأربعة إيابا ، والتي قلنا : إنّه يشترط قصدها ، ويشترط استمرار قصدها هي هذا الأعم ، فإن قصده يكفي ، ولا يشترط قصد الخصوص والتعيين ، وإن كان صحيحا.
ولا يضرّ تبدّل الأشخاص قصدا وفعلا في الأثناء ، كمن كان قصده الثمانية ذهابا ، فتبدّل بالأربعة ذهابا والأربعة إيابا في أيّ وقت تبدّل من ابتداء الأربعة الذهابيّة إلى انتهاءها ، وكذا لو كان الأمر بالعكس ، كما أنّه لا يضرّ تبدّل طريق بطريق آخر في الأثناء ، مع كون كلّ واحد منهما مسافة ، سواء كان هذا التبديل في الذهابيّة فقط كتبديل طريق مسافته ثمانية ذهابا بطريق آخر مثله ، أو طريق مسافته أربعة ذهابا وأربعة إيابا بطريق آخر مثله.
فما في هذه الأخبار من عدّ الأربعة مسافة محمول على ضمّ الأربعة الإيابيّة أو الذهابيّة الاخرى ، كما سيجيء التحقيق في ذلك.
ثمّ اعلم! أنّ استمرار النيّة الذي هو شرط معناه أن لا يرجع عن نيّته ، كما قلنا ، لا أنّه لا بدّ أن يكون ناويا إلى آخر المسافة ، إذ لا يضرّ النوم في المسافة ، ولا عدم الخطور بالبال مع كون الذهن مشغولا بامور اخر ولا فارغ البال.
بل قال في «المدارك» : ولا يقدح عروض الجنون في الأثناء ، وكذا الإغماء (٢) وذلك لأنّ القدر الذي ثبت من الأخبار وكلام الأخيار هو أن يرجع عن قصده
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٣٣ الحديث ٥ ، علل الشرائع : ٢ / ٣٦٧ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٦٦ الحديث ١١١٨٥ و ١١١٨٦ مع اختلاف يسير.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٣٩ و ٤٤٠.