ويدلّ عليه ما أسلفناه مرارا ، من أنّ القضاء فرض مستأنف ، فيتوقّف على الدليل ، وبدونه يكون منفيّا بالأصل ، وتشهد له الروايات المتضمّنة لسقوط القضاء في الكسوف إذا لم يستوعب الاحتراق مع أنّه أقوى ، للإجماع على أنّه موجب للصلاة ، واستفاضة الروايات به. واحتمل جدّي في «روض الجنان» وجوب القضاء ، لوجود السبب (١) ، ولعموم قوله عليهالسلام : «من فاتته فريضة» (٢) ؛ وهو ضعيف ، لأنّ السبب إنّما وجد في الأداء خاصّة ، وقد سقط بفوات محلّه ، والفريضة لا عموم فيها بحيث يتناول المقام ، بل المتبادر منها اليوميّة (٣) ، انتهى.
والأمر كما ذكره ، إذ الأصل براءة الذمّة حتّى يثبت التكليف ، إذ لم يرد في غير الكسوفين والزلزلة سوى الصحيحة المتضمّنة للأمر بصلاة الكسوف وبعض الآيات في وقت تحقّقهما لا خارج الوقت ، حيث قال عليهالسلام : «إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلّها» (٤) الحديث ، إذ كلمة «إذا» ظرف زمان.
والصحيحة المتضمّنة لكون صلاة الكسوف وبعض الآيات سواء ، المتبادر التساوي في الهيئة ، والوجوب أيضا لا غير (٥).
والصحيحة المتضمنة للأمر بصلاة الكسوف لأخاويف السماء حتّى يسكن (٦) ، وعرفت أنّه لا دلالة فيها على الوجوب بعد السكون أيضا وإن قلنا بعدم
__________________
(١) لاحظ! روض الجنان : ٣٠٤.
(٢) عوالي اللآلي : ٢ / ٥٤ الحديث ١٤٣.
(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ١٣٤.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٦ الحديث ١٥٣٠ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩١ الحديث ٩٩٣٧.
(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤١ الحديث ١٥١٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٨٦ الحديث ٩٩٢٥.
(٦) الكافي : ٣ / ٤٦٤ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٦ الحديث ١٥٢٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٥٥ الحديث ٣٣٠.