الوفاقيّة خاصّة دون الخلافيّة ليس إلّا من باب الرجم بالغيب ، إذ لم يوجد في الأخبار منه عين ولا أثر ، بل أيّ فرق بين ذلك ، وبين أن يقول : وقت الخطاب ذكر له الشرائط الوفاقيّة دون الخلاقيّة ، وإن لم نجد هناك ممّا ذكر عينا ولا أثرا؟
وكون بعض الشرائط وصل إلى بعض الرواة ، وبعض إلى بعض آخر ، وهكذا لا يسمن ولا يغني من جوع ، بل القطع حاصل بأنّ مجموع زمان الأئمّة عليهمالسلام ما كان يمكن تحقّق مصداق تلك الروايات.
وبالجملة ، الصور الثلاثة صار منشأ للخلط والخبط على المغرور.
الخامس (١) : كما أنّ أخبار الجمعة مطلقة ، وكذلك أخبار الظهر أيضا مطلقة ، مثل ما روى في «الكافي» ـ في باب التفويض ـ عن الصادق عليهالسلام : «إنّ الرسول صلىاللهعليهوآله زاد ركعتين في الظهر والعصر والعشاء فلا يجوز تركهنّ إلّا في سفر ، ولم يرخّص رسول الله صلىاللهعليهوآله لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمّهما [إلى ما فرض الله عزوجل] ، بل ألزمهم إلزاما واجبا لم يرخّص لأحد في شيء من ذلك إلّا للمسافر» (٢) ، وأمثال هذه الروايات متواترة ، بل ربّما كانت أقوى دلالة.
مع أنّ الإطلاق كيف لا يكون مؤثّرا في أخبار الظهر أصلا؟ مع أنّهم يقولون : وجوب الجمعة مشروط بشرائط زائدة على شرائط الظهر ، ولا يقولون في الظهر ذلك.
ومعلوم أنّ الأمر كذلك ، فمع ذلك لعلّ إطلاق الظهر يصير أقوى لأنّه يصير أصلا بالنسبة إلى الجمعة.
سلّمنا التساوي ، فالترجيح من أين؟ سلّمنا الترجيح ، لكنّهم لم يتعرّضوا
__________________
(١) أي : الخامس ممّا يوقع المغرور في الغلط.
(٢) الكافي : ١ / ٢٦٦ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٤٥ الحديث ٤٤٧٤ مع اختلاف يسير.