المتشرّعة حقيقة ، ولم يعلم أنّ المقام كذلك ، لما عرفت من أنّ جمعا من المتشرّعة يقولون : ليس ذلك صلاة الجمعة أصلا ، بل فعل آخر مغاير لصلاة الجمعة.
وجماعة آخرون يقولون : إنّ الجمعة اسم لمستجمعة لجميع شرائط الصحّة ليس إلّا (١).
مضافا إلى أنّ إطلاقنا ليس أزيد من استعمال ، والاستعمال أعم من الحقيقة فالمغرور الذي لا اطّلاع له بالفقه ، يتوهّم أنّ كلّ إطلاق يكون إنّما هو عين إطلاق المعصوم عليهالسلام ، وقد عرفت فساده ، وليس غروره في هذا السادس من جهة ، بل من جهات.
السابع : أنّهم يستدلّون بأنّها واجبة على جميع المكلّفين (٢) ، وأنّ الأخبار عامة في ذلك ، فيتوهّم المغرور أنّ أحدا أنكر ذلك ، وليس كذلك بالبديهة ، فإنّ المحرّم والمخيّر يقولان أيضا : إنّ وجوبها العيني على المكلّفين ولا يخصّصانه بصنف منهم.
نعم ، يقولان : وجوبها مشروط بشروط ، كما أنّ المستدلّ أيضا يقول كذلك.
غاية ما في الباب أنّهما يزيدان شرطا آخر ، وهذا لا يمنع شمول جميع المكلّفين ، إذ هي واجبة على كلّ واحد واحد منهم ، ولكن ذلك الواجب له شروط ، وبين المقامين فرق واضح.
ألا ترى أنّ المستدلّ مع قوله بالعموم وشمول جميع المكلّفين ، يقول بأنّ لها شروطا كثيرة ، فكيف لا يصير ذلك منشأ لعدم العموم والشمول؟! وبمجرّد أن يقول الخصم لها شرط واحد آخر ، تخرج الأخبار من الشمول إلى عدم الشمول.
__________________
(١) انظر! المهذّب : ١ / ١٠٠.
(٢) رسائل الشهيد : ٥١ ، ذخيرة المعاد : ٣٠٨ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٤٠٨.