وجوب الإطاعة عرفا.
ولا يخفى أنّ أهل العرف لا يعدّون أحدا ممتثلا إلّا بعد العلم بأنّه أتى بما أمر به ، فإنّ الظن بإتيانه ليس عندهم امتثالا ، فما ظنّك بالشكّ؟
ومن البديهيّات أنّ المكلّف في ظهر الجمعة مأمور بإتيان فريضة ، فإذا فرض أنّها الجمعة ، فلا شكّ في أنّه مأمور بإتيانها ، فإذا وقعت الخطبة مع الطهارة علم بأنّه ممتثل ، وإذا لم تقع بها لم يعلم ، بل لم يظن أيضا ، فيجب الطهارة من باب المقدّمة لتحصيل البراءة اليقينيّة والامتثال العرفي.
مع أنّ هذا إجماعي عند الفقهاء ، يظهر من تضاعيف أحكامهم ، ومن ناقش فيه فإنّما يكون مناقشته من باب الغفلة والاشتباه وعدم الفرق بين ابتداء التكليف والخروج عن عهدة اليقيني.
وبالجملة ، العبادة توقيفيّة ، ولم يعلم من الشرع أنّ الجمعة التي خطبتها بغير طهارة جمعة أو صحيحة ، على التفصيل الذي عرفت في بحث اشتراط الإمام عليهالسلام أو من نصبه (١).
وظهر أيضا من هذا فساد قوله : فإنّ إلزام المكلّف. إلى آخره (٢).
وظهر منه أيضا حال فعل النبي صلىاللهعليهوآله ، فإنّه أيضا على قسمين :
فعل ابتدائي منه صلىاللهعليهوآله ، وفيه مذاهب للفقهاء حقّقناه في «الفوائد» (٣) ، وأنّ الأقوى رجحان المتابعة.
وفعل في مقام الإتيان بالعبادة التوقيفيّة ، وحيث لم يكن قول منه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٢٩٩ (المجلد الأوّل) من هذا الكتاب.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤١.
(٣) الفوائد الحائريّة : ٣١٥ الفائدة ٣٢.