حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢))
(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ). هرب (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ، قال ابن عباس ووهب : كان يونس عليهالسلام قد وعد قومه العذاب فلما تأخر العذاب عنهم خرج كالمنشور (١) منهم ، فقصد البحر وركب السفينة ، فاحتبست السفينة ، فقال الملّاحون : هاهنا عبد أبق من سيّده ، وهذا رسم السفينة إذا كان فيه آبق لا تجري. فاقترعوا ، فوقعت القرعة على يونس ، فقالوا : ألا نلقيه في الماء؟ واقترعوا ثانيا وثالثا فوقعت القرعة على يونس ، فقال : «أنا الآبق» وزجّ نفسه في الماء ، فذلك قوله سبحانه : (فَساهَمَ) : فقارع ، والمساهمة : إلقاء السهام على جهة القرعة. (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) المقروعين المخلوعين المغلوبين.
(فَالْتَقَمَهُ) : فابتلعه والتقمه (الْحُوتُ) وأوحى الله سبحانه إليه أنّي جعلت بطنك سجنا ولم أجعله لك طعاما ، (وَهُوَ مُلِيمٌ) مذنب ، قد أتى بما يلام عليه.
(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) المنزّهين الذاكرين لله سبحانه قبل ذلك في حال الرخاء ، وقال ابن عباس : من المصلين ، وقال مقاتل : من المصلحين المطيعين قبل المعصية ، وقال وهب : من العابدين ، وقال سعيد بن جبير : يعني قوله (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢) وقال الحسن : ما كانت له صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملا صالحا ، (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة.
(فَنَبَذْناهُ) : طرحناه (بِالْعَراءِ) قال الكلبي : يعني وجه الأرض. مقاتل بن حيان : يعني ظهر الأرض. مقاتل بن سليمان بالبراري من الأرض. الأخفش بالفناء الفراء بالأرض الواسعة.
السدّي : بالساحل ، وأصل العراء الأرض الخالية عن الشجر والنّبات ، ومنه قيل للمتجرد :
عريان. قال الشاعر :
[ترك الهام ... بالعراء |
|
صار للخير حاصر العبقا] (٣) |
(وَهُوَ سَقِيمٌ) عليل كالفرخ الممغط ، واختلفوا في المدة التي لبث يونس عليهالسلام في بطن الحوت ، فقال مقاتل بن حيان : ثلاثة أيام. عطاء : سبعة أيام ، ضحاك : عشرين يوما.
السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان : أربعين يوما.
__________________
(١) كذا في المخطوط.
(٢) سورة الأنبياء : ٨٧.
(٣) هكذا في الأصل.