مِنْ صَياصِيهِمْ) أي حصونهم ومعاقلهم ، واحدها صيصية ، ومنه قيل لقرن البقر صيصية ، ولشوكة الديك والحاكة صيصية ، وقال الشاعر : كوقع الصياصي في النسيج الممدد (١) (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وهم الرجال (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) وهم النساء والذراري (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) بعد. قال يزيد بن رومان وابن زيد ومقاتل : يعني خيبر. قتادة : كنّا نحدّث أنّها مكّة. قال الحسن : فارس والروم.
عكرمة : كلّ أرض تفتح إلى يوم القيامة. (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢))
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) متعة الطلاق (وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) فأطعتنهما (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً)
قال المفسّرون : كان أزواج النبي صلّى الله عليه سألنه شيئا من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة والغيرة ، فهجرهن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وآلى أن لا يقربهن شهرا ، ولم يخرج إلى أصحابه صلوات ، فقالوا : ما شأنه؟ فقال عمر : إن شئتم لأعلمن لكم ما شأنه ، فأتى النبي عليهالسلام فجعل يتكلّم ويرفع صوته حتى أذن له ، قال : فجعلت أقول في نفسي : أيّ شيء أكلّم به رسول الله صلّى الله عليه لعلّه ينبسط؟ فقلت : يا رسول الله لو رأيت فلانة وسألتني النفقة ، فصككتها صكّة فقال : ذلك أجلسني عنكم.
فأتى عمر حفصة فقال : لا تسألي رسول الله شيئا ما كانت لك من حاجة فإليّ ، قال : ثمّ تتبّع نساء النبي صلىاللهعليهوسلم فجعل يكلّمهنّ ، فقال لعائشة : أيعزّك أنّك امرأة حسناء وأنّ زوجك يحبّك لتنتهن أو لينزلن فيكنّ القرآن ، قال : فقالت له أمّ سلمة : يا بن الخطّاب أو ما بقي لك إلّا أن تدخل بين رسول الله وبين نسائه؟! من يسأل المرأة إلّا زوجها؟ فأنزل الله عزوجل هذه الآيات.
وكانت تحت رسول الله صلّى الله عليه يومئذ تسع نسوة ، خمس من قريش عائشة بنت أبي
__________________
(١) كتاب العين : ٧ / ١٧٦.