وقرأ أبو عمرو ويعقوب يضعّف بالياء وفتح العين مشدّدا (الْعَذابُ) رفعا. قال أبو عمرو : إنّما قرأت هذه وحدها بالتشديد لقوله : (ضِعْفَيْنِ) وقرأ الباقون نضاعف بالألف ورفع الباء من (الْعَذابُ) وهما لغتان مثل باعد وبعد.
وقال أبو عمرو وأبو عبيدة : ضعفت الشيء إذا جعلته مثله ، ومضاعفته جعلته أمثاله.
(وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) قوله : (وَمَنْ يَقْنُتْ) يطع.
قال قتادة : كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة [وقراءة العامة تقنت بالتاء] (١) وقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلف (يعمل) (يؤتها) بالياء. غيرهم بالتاء.
قال الفراء : إنّما قال (يَأْتِ) و (يَقْنُتْ) لأنّ من أداة تقوم مقام الاسم يعبّر به عن الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث. قال الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) (٢). وقال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (٣) ، وقال : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ) (٤). وقال الفرزدق في الاثنين :
تعال فإن عاهدتني لا تخونني |
|
تكن مثل من يا ذئب يصطحبان (٥) |
(مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) أي مثلي غير هن من النساء.
(وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) يعني الجنّة.
أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه ، عن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، عن محمد بن عمران بن هارون ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت عن أبي رافع قال : كان عمر يقرأ في صلاة الغداة بسورة يوسف والأحزاب ، فإذا بلغ : (يا نِساءَ النَّبِيِ) رفع بها صوته ، فقيل له ، فقال : أذكّرهنّ العهد.
واختلف العلماء في حكم التخيير ، فقال عمر وابن مسعود : إذا خيّر الرجل امرأته فاختارت زوجها فلا شيء عليه ، وإن اختارت نفسها [طلّقت] (٦) وإلى هذا ذهب مالك.
وقال الشافعي : إن نوى الطلاق في التخيير كان طلاقا وإلّا فلا. واحتجّ من لم يجعل التخيير بنفسه طلاقا ، بقوله : (وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) ، وبقول عائشة : خيّرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاخترناه ، فلم نعدّه طلاقا.
__________________
(١) وهكذا ورد في نسخة أصفهان : وقراءة العامة بالياء إلّا ما روي عن ابن عامر ويعقوب أنّهما قرءا : تقنت بالتاء.
(٢) سورة يونس : ٤٣.
(٣) سورة يونس : ٤٢.
(٤) سورة الأحزاب : ٣١.
(٥) لسان العرب : ١٣ / ٤١٩.
(٦) في نسخة أصفهان : فثلاث.