وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٣٧) ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨))
(وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ) يعني القرآن (وَالْحِكْمَةِ) السنّة ، عن قتادة ، وقال مقاتل : أحكام القرآن ومواعظه (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً).
وقوله : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) الآية. وذلك أنّ أزواج النبي صلّى الله عليه قلن : يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به ، إنّا نخاف أن لا تقبل منّا طاعة ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية.
وقال مقاتل : قالت أمّ سلمة بنت أبي أمية وأنيسة بنت كعب الأنصارية للنبي صلّى الله عليه : ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه؟ نخشى أن لا يكون فيهنّ خير ولا لله فيهنّ حاجة ، فنزلت هذه الآية.
روى عثمان بن حكم عن عبد الرحمن بن شيبة قال : سمعت أمّ سلمة زوج النبي عليهالسلام تقول : قلت للنبي عليهالسلام : يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟
قلت : فلم يرعني ذات يوم ظهرا إلّا بدواة على المنبر وأنا أسرح رأسي فلفقت شعري ثمّ خرجت إلى حجرة من حجر بيتي فجعلت سمعي عند الجريدة ، فإذا هو يقول على المنبر : يا أيّها الناس إنّ الله عزوجل يقول في كتابه : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) ... إلى قوله : (وَأَجْراً عَظِيماً).
وقال مقاتل بن حيان : بلغني أنّ أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ، فدخلت على نساء رسول الله صلّى الله عليه فقالت : هل نزل فينا شيء من القرآن؟
قلن : لا ، فأتت رسول الله صلّى الله عليه فقالت : يا رسول الله إنّ النساء لفي خيبة وخسار ، قال رسول الله صلّى الله عليه : وممّ ذلك؟ قالت : لأنّهنّ لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال ، فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى آخر الآية.
أخبرني ابن فنجويه عن ابن شبّه عن الفراتي (١) عن إبراهيم بن سعيد ، عن عبيد الله عن شيبان ، عن الأعمش ، عن علي بن الأرقم ، عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي سعيد وأبي هريرة
__________________
(١) هو أبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي صاحب التفسير ، الملقب بالبستاني.