وأخبرنا أبو بكر الجوزقي قال : أخبرنا أبو العبّاس الدغولي قال : أخبرني أبو أحمد محمد ابن عبد الوهاب ومحمد بن عبيد الله بن قهراذ جميعا ، عن جعفر [بن محمّد] بن عون ، عن المعلى بن عرفان عن محمّد بن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت زينب وعائشة ، وقالت زينب : أنا التي نزل تزوّجي من السماء ، فقالت عائشة : أنا التي نزل عذري في كتابه حين حملني ابن المعطل على الراحلة ، فقالت زينب : وما قلت حين ركبتها؟ قالت : قلت : حسبي (اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قالت : كلمة المؤمنين.
وأنبأني عقيل بن محمد أنّ المعافى بن زكريا أخبره عن محمد بن جرير ، عن ابن حميد عن جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : كانت زينب تقول للنبيّ عليهالسلام : إنّي لأدلّ عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدلّ (١) بهن : جدّي وجدّك واحد ، وإنّي أنكحنيك الله في السماء ، وإنّ السفير لجبرائيل (٢).
قوله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) الذين تبنوه (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) بالنكاح وطلقوهن أو ماتوا عنهن. قال الحسن : كانت العرب تظنّ أنّ حرمة المتبنى مشبّكة كاشتباك الرحم ، فميّز الله تعالى بين المتبنى وبين الرحم فأراهم أنّ حلائل الأدعياء غير محرّمة عليهم لذلك قال : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (٣) فقيّد (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) كائنا لا محالة ، وقد قضى في زينب أن يتزوّجها رسول الله صلّى الله عليه.
قوله : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ) أحل الله (لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي كسنّة الله ، نصب بنزع حرف الخافض ، وقيل : فعل سنّة الله ، وقيل : على الإغراء ، أي ابتغوا سنّة الله في الأنبياء الماضين ، أي لا يؤاخذهم بما أحلّ لهم.
وقال الكلبي ومقاتل : أراد داود عليهالسلام ، حين جمع الله بينه وبين المرأة التي هواها ، فكذلك جمع بين محمد وزينب حين هواها ، وقيل : الإشارة بالسنة إلى النكاح ، وإنّه من سنّة الأنبياء وقيل : إلى كثرة الأزواج مثل قصة داود وسليمان عليهالسلام.
(وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) ماضيا كائنا. وقال ابن عبّاس : وكان من قدره أن تلد تلك المرأة التي ابتلى بها داود ابنا مثل سليمان وتهلك من بعده.
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩) ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
__________________
(١) دلّ يدل : تغنج وتلوي ، جرأة مع تلطف.
(٢) تفسير ابن كثير : ٣ / ٥٠٠ مورد الآية ، وتفسير الطبري : ٢٢ / ١٩.
(٣) سورة النساء : ٢٣.