الزهري ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبيّ (١).
واختلف القرّاء في قوله (خاتَمَ النَّبِيِّينَ) فقرأ الحسن وعاصم بفتح التاء على الاسم ، أي آخر النّبيين. كقوله : (خِتامُهُ مِسْكٌ) ، أي آخره. وقرأ الآخرون بكسر التاء على الفاعل ، أي أنّه خاتم النبيّين بالنبوّة.
(وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) قال ابن عبّاس : لم يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلّا جعل لها حدّا معلوما ، ثمّ عذر أهلها في حال العذر ، غير الذكر ، فإنّه لم يجعل له حدّا ينتهى إليه ، ولم يعذر أحدا في تركه إلّا مغلوبا على عقله ، وأمرهم بذكره في الأحوال كلّها فقال : (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) (٢) وقال : (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) بالليل والنهار وفي البر والبحر والسفر والحضر والغنى والفقر والصحّة والقسم والسرّ والجهر وعلى كلّ حال. وقال مجاهد : الذكر الكثير أن لا تنساه أبدا.
أخبرني ابن فنجويه عن ابن شبّه عن الفراتي (٣) ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي ، عن أبي لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أكثروا ذكر الله حتّى يقولوا مجنون (وَسَبِّحُوهُ) وصلّوا له (بُكْرَةً) يعني صلاة الصبح (وَأَصِيلاً) يعني صلاة العصر عن قتادة.
وقال ابن عبّاس : يعني صلاة العصر والعشاءين. وقال مجاهد : يعني قولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، فعبّر بالتسبيح عن أخواته ، فهذه كلمات يقولها الطاهر والجنب والمحدث.
قوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) بالرحمة. قال السدي : قالت بنو إسرائيل لموسى : أيصلّي ربّنا؟ فكبر هذا الكلام على موسى فأوحى الله إليه أن قل لهم : إنّي أصلّي ، وإنّ صلاتي رحمتي ، وقد وسعت رحمتي كلّ شيء.
وقيل : (يُصَلِّي) يشيع لكم الذكر الجميل في عباده. وقال الأخفش : يبارك عليكم (وَمَلائِكَتُهُ) بالاستغفار والدعاء (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً).
__________________
(١) مسند الحميدي : ١ / ٢٥٤ ، السنن الكبرى للنسائي : ٦ / ٤٨٩ بتفاوت.
(٢) سورة النساء : ١٠٣.
(٣) صاحب التفسير أبو عمرو.