روى داود بن أبي هند عن محمّد بن أبي موسى عن زياد رجل من الأنصار قال : قلت لأبيّ بن كعب : أرأيت لو مات نساء النبي صلّى الله عليه أكان يحلّ له أن يتزوّج؟ فقال : وما يمنعه من ذلك وما يحرّم ذلك عليه؟ قلت : قوله : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) فقال : إنّما أحلّ الله له ضربا من النساء فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) ... ثمّ قال : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ).
وقال أبو صالح : أمر أن لا يتزوّج أعرابية ولا عربية ويتزوّج بعد من نساء قومه من بنات العمّ والعمّة والخال والخالة إن شاء ثلاثمائة. وقال سعيد بن جبير ومجاهد : معناه (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) من غير المسلمات فأمّا اليهوديّات والنصرانيّات والمشركات فحرام عليك ، ولا ينبغي أن يكنّ من أمّهات المؤمنين.
وقال أبو رزين : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) يعني الإماء بالنكاح. (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) قال مجاهد وأبو رزين : يعني ولا أن تبدّل بالمسلمات غيرهنّ من اليهود والنصارى والمشركين (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) من السبايا والإماء الكوافر.
وقال الضحّاك : يعني ولا تبدّل بأزواجك اللّاتي هنّ في حبالك أزواجا غيرهنّ ، بأن تطلّقهنّ وتنكح غيرهن ، فحرّم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلاق النساء اللّواتي كنّ عنده ، إذ جعلهنّ أمّهات المؤمنين ، وحرّمهن على غيره حين اخترنه ، فأمّا نكاح غيرهنّ فلم يمنع منه ، بل أحلّ له ذلك إن شاء. يدلّ عليه ما أخبرناه عبد الله بن حامد الوزان ، عن أحمد بن محمد بن الحسين ، عن محمّد بن يحيى قال : أخبرني أبو عاصم عن جريح عن عطاء عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحلّ له النساء.
وقال ابن زيد : كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأة ذاك فقال الله : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) يعني تبادل بأزواجك غيرك أزواجه ، بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته إلّا ما ملكت يمينك لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت فأمّا الحرائر فلا.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد الاصفهاني ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي ، عن أحمد بن نجدة ، عن الحماني ، عن عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : بادلني امرأتك وأبادلك بامرأتي ، تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) ... قال : فدخل عيينة بن حصين على النبي صلّى الله عليه وعنده عائشة فدخل بغير إذن ، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه : «يا عيينة فأين الاستئذان؟» قال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت ، ثمّ قال : من