قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ) فطهّره الله سبحانه (مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) كريما مقبولا ذا جاه ، واختلفوا فيما آذوا به موسى.
فأخبرنا محمّد بن عبد الله بن حمدون قال : أخبرني أبو حامد بن الشرفي ، عن محمد ويحيى بن عبد الرحمن بن بشير وأحمد بن يوسف قالوا : أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرني أبو بكر المطيري قال : أخبرني أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدب ، عن عبد الرزاق ، عن معمر عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلّى الله عليه قال : «كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ، وكان موسى عليهالسلام يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلّا أنّه آدر (١) ، فذهب مرّة يغتسل وحده فوضع ثوبه على الحجر ففرّ الحجر بثوبه فجمح في أثره يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، فقام الحجر من بعد ما نظروا إليه ، فأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضربا» [٢٧] (٢).
قال أبو هريرة : إنّ بالحجر ندبا ستّة أو سبعة أثر ضرب موسى عليهالسلام.
وروى الحسن وابن سيرين عن أبي هريرة في هذه الآية قال : قال رسول الله صلّى الله عليه : «إنّ موسى كان رجلا حيّيا ستيرا لا يكاد يري من جلده شيئا يستحيي منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا : ما يستر هذا الستر إلّا من عيب بجلده ، إمّا برص وإمّا برص وإمّا أدرة ، فأراد الله أن يبرئه ممّا قالوا : وإنّ موسى خلا يوما وحده ، فوضع ثوبه على حجر ثمّ اغتسل ، فلمّا فرغ من غسله أقبل على ثوبه ليأخذه بعد الحجر بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر ، وجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل ، فنظروا إلى أحسن الناس خلقا وأعدلهم صورة ، وإنّ الحجر قام فأخذ ثوبه فلبسه ، فطفق بالحجر ضربا ، وقال الملأ : قاتل الله أفّاكي بني إسرائيل فكانت براءته التي برّأه الله منها» [٢٨] (٣).
وقال قوم : كان إيذاؤهم إيّاه ادّعاءهم عليه قتل أخيه هارون.
أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه أنّ المعافى بن زكريا القاضي أخبره عن محمد بن جرير بن يزيد الطبري ، حدّثني علي بن مسلم الطوسي ، عن عبّاد عن سفيان بن حصين ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، عن علي بن أبي طالب في قول الله تعالى : (كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى ...) قال : صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون ، فقال بنو إسرائيل : أنت قتلته ، وكان أشدّ حبّا لنا منك وألين لنا منك ، فآذوه بذلك ، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مرّوا به على
__________________
(١) آدر : مصدره الادرة : رجل آدر يعني عفل وهي نفخة في الخصية.
(٢) صحيح البخاري : ١ / ٧٣ ، وصحيح مسلم : ٧ / ٩٩.
(٣) مسند أحمد : ٢ / ٥١٥ ، والمصنف لابن أبي شيبة : ٧ / ٤٥٥.