وأبان بن أبي عبّاس عن خليد العصري عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلّى الله عليه : خمس من جاء بهنّ يوم القيامة مع إيمان دخل الجنّة : من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهنّ ومواقيتهنّ ، وأعطى الزكاة من ماله عن طيب نفس ـ وكان يقول : [وأيم] الله لا يفعل ذلك إلّا مؤمن ـ وأدّى الأمانة.
قالوا : يا أبا الدرداء ، وما أداء الأمانة؟ (١) قال : الغسل من الجنابة. قال : الله عزوجل لم يأتمن ابن آدم على شيء من دينه غيره (٢).
وبه عن ابن جرير عن ابن بشّار ، عن عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن أبيّ بن كعب قال : من الأمانة أنّ المرأة ائتمنت على فرجها.
وقال عبد الله بن عمر بن العاص : أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه ، وقال : هذه أمانة استودعتكها. فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له.
وقال بعضهم : هي أمانات الناس ، والوفاء بالعهد ، فحق على كل مؤمن ألّا يغش مؤمنا ، ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، وقال السدي بإسناده : هي ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده ، وخيانته إياه في قتل أخيه ـ وذكر القصة إلى أن قال ـ : قال الله عزوجل لآدم : يا آدم هل تعلم أنّ لي في الأرض بيتا؟ قال : اللهم لا.
قال : فإن لي بيتا بمكة فأته. فقال آدم للسماء : «احفظي ولدي بالأمانة» [٢٩] ، فأبت ، وقال للأرض فأبت ، وقال للجبال فأبت ، وقال لقابيل فقال : نعم تذهب وترجع تجد أهلك كما يسرك. فانطلق آدم عليهالسلام ، فرجع وقد قتل قابيل هابيل ، فذلك قوله عزوجل : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) يعني قابيل حين حمل أمانة آدم ثم لم يحفظ له أهله.
وقال الآخرون : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) يعني آدم. ثم اختلفت عباراتهم في معنى (الظلوم) و (الجهول) ؛ فقال ابن عباس والضحاك : (ظَلُوماً) لنفسه (جَهُولاً) غرّا بأمر الله وما احتمل من الأمانة. قتادة : (ظَلُوماً) للأمانة (جَهُولاً) عن حقها. الكلبي : (ظَلُوماً) حين عصى ربه ، (جَهُولاً) لا يدري ما العقاب في تركه الأمانة. الحسين بن الفضل : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) عند الملائكة لا عند الله.
(لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).
__________________
(١) في المصدر : قيل : يا نبي الله
(٢) تفسير الطبري : ٢٢ / ٦٨ مورد الآية ، وكنز العمال : ١٥ / ٨٨٧ ح ٤٣٥١٣ ، ومجمع الزوائد : ١ / ٤٧.